وَأَمَّا مَا يَقْتَرِنُ بِحُصُولِ غَرَضِ
الْعَاشِقِ مِنَ الظُّلْمِ الْمُنْتَشِرِ الْمُتَعَدِّي ضَرَرُهُ فَأَمْرٌ لاَ
يَخْفَى، فَإِنَّهُ إِذَا حَصَلَ لَهُ مَقْصُودُهُ مِنَ الْمَعْشُوقِ،
فَلِلْمَعْشُوقِ أَغْرَاضٌ أُخَرُ يُرِيدُ مِنَ الْعَاشِقِ إِعَانَتَهُ عَلَيْهَا،
فَلاَ يَجِدُ مِنْ إِعَانَتِهِ بُدًّا، فَيَبْقَى كُلٌّ مِنْهُمَا يُعِينُ
الآْخَرَ عَلَى الظُّلْمِ وَالْعُدْوَان.
فَالْمَعْشُوقُ يُعِينُ
الْعَاشِقَ عَلَى ظُلْمِ مَنْ يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ
وَسَيِّدِهِ وَزَوْجِهِ، وَالْعَاشِقُ يُعِينُ الْمَعْشُوقَ عَلَى ظُلْمِ مَنْ
يَكُونُ غَرَضُ الْمَعْشُوقِ مُتَوَقِّفًا عَلَى ظُلْمِهِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا
يُعِينُ الآْخَرَ عَلَى أَغْرَاضِهِ الَّتِي فِيهَا ظُلْمُ النَّاسِ، فَيَحْصُلُ
الْعُدْوَانُ وَالظُّلْمُ بِسَبَبِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقُبْحِ لِتَعَاوُنِهِمَا
بِذَلِكَ عَلَى الظُّلْمِ، كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بَيْنَ الْعُشَّاقِ
وَالْمَعْشُوقِينَ، مِنْ إِعَانَةِ الْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ عَلَى مَا فِيهِ
ظُلْمٌ وَعُدْوَانٌ وَبَغْيٌ، حَتَّى رُبَّمَا يَسْعَى لَهُ فِي مَنْصِبٍ لاَ
يَلِيقُ بِهِ وَلاَ يَصْلُحُ لِمَثَلِهِ، وَفِي تَحْصِيلِ مَالٍ مِنْ غَيْرِ
حِلِّهِ، وَفِي اسْتِطَالَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، فَإِذَا اخْتَصَمَ مَعْشُوقُهُ
وَغَيْرُهُ أَوْ تَشَاكَيَا لَمْ يَكُنْ إِلاَّ فِي جَانِبِ الْمَعْشُوقِ ظَالِمًا
كَانَ أَوْ مَظْلُومًا.
هَذَا إِلَى مَا يَنْضَمُّ
إِلَى ذَاكَ مِنْ ظُلْمِ الْعَاشِقِ لِلنَّاسِ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى أَخْذِ
أَمْوَالِهِمْ، وَالتَّوَصُّلِ بِهَا إِلَى مَعْشُوقِهِ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ
أَوْ خِيَانَةٍ أَوْ يَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ،
وَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى قَتْلِ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ،
لِيَأْخُذَ مَالَهُ لِيَتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى مَعْشُوقِهِ.
فَكُلُّ هَذِهِ الآْفَاتِ وَأَضْعَافُهَا وَأَضْعَافُ أَضْعَافِهَا تَنْشَأُ مِنْ عِشْقِ الصُّوَرِ، وَرُبَّمَا حَمَلَ عَلَى الْكُفْرِ الصَّرِيحِ، وَقَدْ تَنَصَّرَ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ نَشَئُوا فِي الإِْسْلاَمِ بِسَبَبِ الْعِشْقِ، كَمَا جَرَى لِبَعْضِ الْمُؤَذِّنِينَ حِينَ أَبْصَرَ امْرَأَةً جَمِيلَةً عَلَى سَطْحٍ، فَفُتِنَ بِهَا، وَنَزَلَ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا، وَسَأَلَهَا نَفْسَهَا،