×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

فَقَالَتْ: هِيَ نَصْرَانِيَّةٌ، فَإِنْ دَخَلْتَ فِي دِينِي تَزَوَّجْتُ بِكَ، فَفَعَلَ، فَرَقِيَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَى دَرَجَةٍ عِنْدَهُمْ فَسَقَطَ مِنْهَا فَمَاتَ، ذَكَرَ هَذَا عَبْدُ الْحَقِّ فِي كِتَابِ «الْعَاقِبَةِ» لَهُ ([1]).

وَإِذَا أَرَادَ النَّصَارَى أَنْ يُنَصِّرُوا الأَْسِيرَ، أَرَوْهُ امْرَأَةً جَمِيلَةً وَأَمَرُوهَا أَنْ تُطْمِعَهُ فِي نَفْسِهَاحَتَّى إِذَا تَمَكَّنَ حُبُّهَا مِنْ قَلْبِهِ، بَذَلَتْ لَهُ نَفْسَهَا إِنْ دَخَلَ فِي دِينِهَا، فَهُنَالِكَ: {يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ} [إِبْرَاهِيمَ: 27] .

وَفِي الْعِشْقِ مِنْ ظُلْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَاشِقِ وَالْمَعْشُوقِ لِصَاحِبِهِ بِمُعَاوَنَتِهِ لَهُ عَلَى الْفَاحِشَةِ، وَظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ. فَكُلٌّ مِنْهُمَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَصَاحِبِهِ، وَظُلْمُهُمَا مُتَعَدٍّ إِلَى الْغَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ظُلْمُهُمَا بِالشِّرْكِ، فَقَدْ تَضَمَّنَ الْعِشْقُ أَنْوَاعَ الظُّلْمِ كُلَّهَا.

وَالْمَعْشُوقُ إِذَا لَمْ يَتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهُ يُعَرِّضُ الْعَاشِقَ لِلتَّلَفِ، وَذَلِكَ ظُلْمٌ مِنْهُ، بِأَنْ يُطْمِعَهُ فِي نَفْسِهِ وَيَتَزَيَّنَ لَهُ وَيَسْتَمِيلَهُ بِكُلِّ طَرِيقٍ حَتَّى يَسْتَخْرِجَ مِنْهُ مَالَهُ وَنَفْعَهُ وَلاَ يُمَكِّنُهُ مِنْ نَفْسِهِ، لِئَلاَّ يَزُولَ غَرَضُهُ بِقَضَاءِ وَطَرِهِ مِنْهُ، فَهُوَ يَسُومُهُ سُوءَ الْعَذَابِ، وَالْعَاشِقُ رُبَّمَا قَتَلَ مَعْشُوقَهُ لِيَشْفِيَ نَفْسَهُ مِنْهُ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا جَادَ بِالْوِصَالِ لِغَيْرِهِ.

فَكَمْ لِلْعِشْقِ مِنْ قَتِيلٍ مِنَ الْجَانِبَيْنِ! وَكَمْ أَزَالَ مِنْ نِعْمَةٍ، وَأَفْقَرَ مِنْ غِنًى، وَأَسْقَطَ مِنْ مَرْتَبَةٍ، وَشَتَّتَ مِنْ شَمْلٍ، وَكَمْ أَفْسَدَ مِنْ أَهْلٍ لِلرَّجُلِ وَوَلَدِهِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا رَأَتْ بَعْلَهَا عَاشِقًا لِغَيْرِهَا اتَّخَذَتْ هِيَ مَعْشُوقًا لِنَفْسِهَا، فَيَصِيرُ الرَّجُلُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ خَرَابِ بَيْتِهِ بِالطَّلاَقِ وَبَيْنَ الْقِيَادَةِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤْثِرُ هَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْثِرُ هَذَا.


الشرح

([1])ينظر: العاقبة في ذكر الموت (ص: 181).