×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْعِشْقُ يُرَوِّضُ النَّفْسَ، وَيُهَذِّبُ الأَْخْلاَقَ، وَإِظْهَارُهُ طَبِيعِيٌّ، وَإِضْمَارُهُ تَكْلِيفِيٌّ.

وَقَالَ الآْخَرُ: مَنْ لَمْ يُهَيِّجْ نَفْسَهُ بِالصَّوْتِ الشَّجِيِّ، وَالْوَجْهِ الْبَهِيِّ، فَهُوَ فَاسِدُ الْمِزَاجِ، يَحْتَاجُ إِلَى عِلاَجٍ.

وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ:

إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى

 

فما لك في طيب الحياة نصيب

وَقَالَ آخَرُ:

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الْهَوَى فكن

 

حجرًا من جانب الصخر جلمدا

وَقَالَ آخَرُ:

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الْهَوَى

 

فَقُمْ فَاعْتَلِفْ تِبْنًا فَأَنْتَ حِمَارُ

وقال آخر:

إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَدْرِ مَا الْهَوَى

 

فَمَا لَكَ فِي طِيبِ الْحَيَاةِ نَصِيبُ

وَقَالَ بَعْضُ الْعُشَّاقِ أُولُو الْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ: عِفُّوا تَشْرُفُوا، وَاعْشَقُوا تَظْفَرُوا.

وَقِيلَ لِبَعْضِ الْعُشَّاقِ: مَا كُنْتَ تَصْنَعُ لَوْ ظَفِرْتَ بِمَنْ تَهْوَى؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُمَتِّعُ طَرْفِي بِوَجْهِهِ، وَأُرَوِّحُ قَلْبِي بِذِكْرِهِ وَحَدِيثِهِ، وَأَسْتُرُ مِنْهُ مَا لاَ يُحِبُّ كَشْفَهُ، وَلاَ أَصِيرُ بِقَبِيحِ الْفِعْلِ إِلَى مَا يَنْقُضُ عَهْدَهُ، ثُمَّ أَنْشَدَ:

أَخْلُو بِهِ فَأَعِفُّ عَنْهُ تَكَرُّمًا

 

خَوْفَ الدِّيَانَةِ لَسْتُ مِنْ عُشَّاقِهِ

كَالْمَاءِ فِي يَدِ صَائِمٍ يَلْتَذُّهُ

 

ظَمَأً فَيَصْبِرُ عَنْ لَذِيذِ مَذَاقِهِ

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَرْوَاحُ الْعُشَّاقِ عَطِرَةٌ لَطِيفَةٌ، وَأَبْدَانُهُمْ رَقِيقَةٌ خَفِيفَةٌ، نُزْهَتُهُمُ الْمُؤَانَسَةُ، وَكَلاَمُهُمْ يُحْيِي مَوَاتَ الْقُلُوبِ، وَيَزِيدُ فِي الْعُقُولِ، وَلَوْلاَ الْعِشْقُ وَالْهَوَى لَبَطَلَ نَعِيمُ الدُّنْيَا.


الشرح