وَقَالَ بَعْضُ
الْحُكَمَاءِ: الْعِشْقُ يُرَوِّضُ النَّفْسَ، وَيُهَذِّبُ الأَْخْلاَقَ، وَإِظْهَارُهُ
طَبِيعِيٌّ، وَإِضْمَارُهُ تَكْلِيفِيٌّ.
وَقَالَ الآْخَرُ: مَنْ لَمْ
يُهَيِّجْ نَفْسَهُ بِالصَّوْتِ الشَّجِيِّ، وَالْوَجْهِ الْبَهِيِّ، فَهُوَ
فَاسِدُ الْمِزَاجِ، يَحْتَاجُ إِلَى عِلاَجٍ.
وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ:
|
إذا أنت لم تعشق ولم تدر ما الهوى |
|
فما لك في طيب الحياة نصيب |
وَقَالَ آخَرُ:
|
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ
تَدْرِ مَا الْهَوَى فكن |
|
حجرًا من جانب الصخر جلمدا |
وَقَالَ آخَرُ:
|
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ
تَدْرِ مَا الْهَوَى |
|
فَقُمْ فَاعْتَلِفْ تِبْنًا
فَأَنْتَ حِمَارُ |
وقال آخر:
|
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ
تَدْرِ مَا الْهَوَى |
|
فَمَا لَكَ فِي طِيبِ الْحَيَاةِ
نَصِيبُ |
وَقَالَ بَعْضُ الْعُشَّاقِ
أُولُو الْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ: عِفُّوا تَشْرُفُوا، وَاعْشَقُوا تَظْفَرُوا.
وَقِيلَ لِبَعْضِ
الْعُشَّاقِ: مَا كُنْتَ تَصْنَعُ لَوْ ظَفِرْتَ بِمَنْ تَهْوَى؟ فَقَالَ: كُنْتُ
أُمَتِّعُ طَرْفِي بِوَجْهِهِ، وَأُرَوِّحُ قَلْبِي بِذِكْرِهِ وَحَدِيثِهِ،
وَأَسْتُرُ مِنْهُ مَا لاَ يُحِبُّ كَشْفَهُ، وَلاَ أَصِيرُ بِقَبِيحِ الْفِعْلِ
إِلَى مَا يَنْقُضُ عَهْدَهُ، ثُمَّ أَنْشَدَ:
|
أَخْلُو بِهِ فَأَعِفُّ عَنْهُ
تَكَرُّمًا |
|
خَوْفَ الدِّيَانَةِ لَسْتُ مِنْ
عُشَّاقِهِ |
|
كَالْمَاءِ فِي يَدِ صَائِمٍ
يَلْتَذُّهُ |
|
ظَمَأً فَيَصْبِرُ عَنْ لَذِيذِ
مَذَاقِهِ |
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَرْوَاحُ الْعُشَّاقِ عَطِرَةٌ لَطِيفَةٌ، وَأَبْدَانُهُمْ رَقِيقَةٌ خَفِيفَةٌ، نُزْهَتُهُمُ الْمُؤَانَسَةُ، وَكَلاَمُهُمْ يُحْيِي مَوَاتَ الْقُلُوبِ، وَيَزِيدُ فِي الْعُقُولِ، وَلَوْلاَ الْعِشْقُ وَالْهَوَى لَبَطَلَ نَعِيمُ الدُّنْيَا.