×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَكُنْتُ فِي رَقِيقِ ذَلِكَ الْعَامِلِ، قَالَتْ: فَأَخَذَنِي وَبَعَثَ بِي إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَوَهَبَنِي لِفَاطِمَةَ، قَالَ: وَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الْعَامِلُ؟ قَالَتْ: هَلَكَ، قَالَ: وَهَلْ تَرَكَ وَلَدًا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا حَالُهُمْ؟ قَالَتْ: سَيِّئَةٌ، فَقَالَ: شُدِّي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ، وَاذْهَبِي إِلَى مَكَانِكِ، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى الْعِرَاقِ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ عَلَى الْبَرِيدِ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ لَهُ: ارْفَعْ إِلَيَّ جَمِيعَ مَا أَغْرَمَهُ الْحَجَّاجُ لأَِبِيكَ، فَلَمْ يَرْفَعْ إِلَيْهِ شَيْئًا إِلاَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْجَارِيَةِ فَدُفِعَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِيَّاكَ وَإِيَّاهَا، فَلَعَلَّ أَبَاكَ قَدْ أَلَمَّ بِهَا، فَقَالَ الْغُلاَمُ: هِيَ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهَا، قَالَ: فَابْتَعْهَا مِنِّي، قَالَ: لَسْتُ إِذًا مِمَّنْ نَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى، فَلَمَّا عَزَمَ الْفَتَى عَلَى الاِنْصِرَافِ بِهَا، قَالَتْ: أَيْنَ وَجْدُكَ بِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: عَلَى حَالِهِ، وَلَقَدْ زَادَ، وَلَمْ تَزَلِ الْجَارِيَةُ فِي نَفْسِ عُمَرَ، حَتَّى مَاتَ رحمه الله ([1]).

وَهَذَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الظَّاهِرِيُّ الْعَالِمُ الْمَشْهُورُ فِي فُنُونِ الْعِلْمِ: مِنَ الْفِقْهِ، وَالْحَدِيثِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَالأَْدَبِ، وَلَهُ قَوْلُهُ فِي الْفِقْهِ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ، وَعَشِقُهُ مَشْهُورٌ ([2]).

قَالَ نِفْطَوَيْهِ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: حُبُّ مَنْ تَعْلَمُ أَوْرَثَنِي مَا تَرَى، فَقُلْتُ: وَمَا يَمْنَعُكَ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: الاِسْتِمْتَاعُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: النَّظَرُ الْمُبَاحُ، وَالآْخَرُ: اللَّذَّةُ الْمَحْظُورَةُ، فَأَمَّا النَّظَرُ الْمُبَاحُ فَهُوَ الَّذِي أَوْرَثَنِي مَا تَرَى، وَأَمَّا اللَّذَّةُ الْمَحْظُورَةُ فَيَمْنَعُنِي مِنْهَا مَا حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّابِ عَنْ


الشرح

([1])ينظر: اعتلال القلوب (1/40).

([2])ينظر: ترجمته في تاريخ بغداد (5/256 - 262).