×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَرْفَعُهُ: «مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». ثُمَّ أَنْشَدَ:

مَا لَهُمْ أَنْكَرُوا سَوَادًا بِخَدَّيْهِ

 

وَلاَ يُنْكِرُونَ وَرْدَ الْغُصُونِ

إِنْ يَكُنْ عَيْبُ خَدِّهِ بَرْدُ الشَّعْرِ

 

فَعَيْبُ الْعُيُونِ شَعْرُ الْجُفُونِ

ثُمَّ أَنْشَدَ:

انْظُرْ إِلَى السِّحْرِ يَجْرِي مِنْ لَوَاحِظِهِ

 

وَانْظُرْ إِلَى دَعَجٍ فِي طَرْفِهِ السَّاجِي

وَانْظُرْ إِلَى شَعَرَاتٍ فَوْقَ عَارِضِهِ

 

كَأَنَّهُنَّ نِمَالٌ دَبَّ فِي عَاجِ

فَقُلْتُ لَهُ: نَفَيْتَ الْقِيَاسَ فِي الْفِقْهِ، وَأَثْبَتَّهُ فِي الشَّرِّ؟ فَقَالَ: غَلَبَةُ الْوَجْدِ وَمَلَكَةُ النَّفْسِ دَعَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ.

وَبِسَبَبِ مَعْشُوقِهِ صَنَّفَ كِتَابَ «الزَّهْرَةِ». وَمِنْ كَلاَمِهِ فِيهِ: «مَنْ يَئِسَ مِمَّنْ يَهْوَاهُ، وَلَمْ يَمُتْ مِنْ وَقْتِهِ سَلاَهُ، وَذَلِكَ أَوَّلُ رَوْعَاتِ الْيَأْسِ تَأْتِي الْقَلْبَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَعِدٍّ لَهَا، فَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتَأْتِي الْقَلْبَ وَقَدْ وَطَّأَتْهُ لَهَا الرَّوْعَةُ الأُْولَى» ([1]).

وَالْتَقَى هُوَ وَأَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي مَجْلِسِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْوَزِيرِ، فَتَنَاظَرَا فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الإِْيلاَءِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ: أَنْتَ بِأَنْ تَقُولَ: مَنْ دَامَتْ لَحَظَاتُهُ؛ كَثُرَتْ حَسَرَاتُهُ، أَحَذَقُ مِنْكَ بِالْكَلاَمِ عَلَى الْفِقْهِ.

فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ ذَلِكَ فَإِنِّي أَقُولُ:

فَلَوْلاَ اخْتِلاَسِي وُدَّهُ لَتَكَلَّمَا

 

أُنَزِّهُ فِي رَوْضِ الْمَحَاسِنِ مُقْلَتَيَّ

وَأَمْنَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ مُحَرَّمَا

 

وَأَحْمِلُ مِنْ ثِقَلِ الْهَوَى مَا لَوْ أَنَّهُ

يُصَبُّ عَلَى الصَّخْرِ الأَْصَمِّ تَهَدَّمَا

 

وَيَنْطِقُ طَرْفِي عَنْ مُتَرْجَمِ خَاطِرِي


الشرح

([1])ينظر: الزهرة (1/452).