مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَرْفَعُهُ: «مَنْ عَشِقَ وَكَتَمَ وَعَفَّ وَصَبَرَ،
غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ». ثُمَّ أَنْشَدَ:
|
مَا لَهُمْ أَنْكَرُوا سَوَادًا
بِخَدَّيْهِ |
|
وَلاَ يُنْكِرُونَ وَرْدَ
الْغُصُونِ |
|
إِنْ يَكُنْ عَيْبُ خَدِّهِ بَرْدُ
الشَّعْرِ |
|
فَعَيْبُ الْعُيُونِ شَعْرُ الْجُفُونِ |
ثُمَّ أَنْشَدَ:
|
انْظُرْ إِلَى السِّحْرِ يَجْرِي
مِنْ لَوَاحِظِهِ |
|
وَانْظُرْ إِلَى دَعَجٍ فِي
طَرْفِهِ السَّاجِي |
|
وَانْظُرْ إِلَى شَعَرَاتٍ فَوْقَ
عَارِضِهِ |
|
كَأَنَّهُنَّ نِمَالٌ دَبَّ فِي
عَاجِ |
فَقُلْتُ لَهُ: نَفَيْتَ
الْقِيَاسَ فِي الْفِقْهِ، وَأَثْبَتَّهُ فِي الشَّرِّ؟ فَقَالَ: غَلَبَةُ
الْوَجْدِ وَمَلَكَةُ النَّفْسِ دَعَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ.
وَبِسَبَبِ مَعْشُوقِهِ
صَنَّفَ كِتَابَ «الزَّهْرَةِ». وَمِنْ كَلاَمِهِ فِيهِ: «مَنْ يَئِسَ مِمَّنْ
يَهْوَاهُ، وَلَمْ يَمُتْ مِنْ وَقْتِهِ سَلاَهُ، وَذَلِكَ أَوَّلُ رَوْعَاتِ
الْيَأْسِ تَأْتِي الْقَلْبَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَعِدٍّ لَهَا، فَأَمَّا
الثَّانِيَةُ فَتَأْتِي الْقَلْبَ وَقَدْ وَطَّأَتْهُ لَهَا الرَّوْعَةُ
الأُْولَى» ([1]).
وَالْتَقَى هُوَ وَأَبُو
الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ فِي مَجْلِسِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى
الْوَزِيرِ، فَتَنَاظَرَا فِي مَسْأَلَةٍ مِنَ الإِْيلاَءِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ
سُرَيْجٍ: أَنْتَ بِأَنْ تَقُولَ: مَنْ دَامَتْ لَحَظَاتُهُ؛ كَثُرَتْ
حَسَرَاتُهُ، أَحَذَقُ مِنْكَ بِالْكَلاَمِ عَلَى الْفِقْهِ.
فَقَالَ: لَئِنْ كَانَ
ذَلِكَ فَإِنِّي أَقُولُ:
|
فَلَوْلاَ اخْتِلاَسِي وُدَّهُ لَتَكَلَّمَا |
|
أُنَزِّهُ فِي رَوْضِ الْمَحَاسِنِ مُقْلَتَيَّ |
|
وَأَمْنَعُ نَفْسِي أَنْ تَنَالَ مُحَرَّمَا |
|
وَأَحْمِلُ مِنْ ثِقَلِ الْهَوَى مَا لَوْ أَنَّهُ |
|
يُصَبُّ عَلَى الصَّخْرِ الأَْصَمِّ تَهَدَّمَا |
|
وَيَنْطِقُ طَرْفِي عَنْ مُتَرْجَمِ خَاطِرِي |
([1])ينظر: الزهرة (1/452).