فَالْوِلاَيَةُ أَصْلُهَا
الْحُبُّ، فَلاَ مُوَالاَةَ إِلاَّ بِحُبٍّ، كَمَا أَنَّ الْعَدَاوَةَ أَصْلُهَا
الْبُغْضُ، وَاللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ أَوْلِيَاؤُهُ، فَهُمْ
يُوَالُونَهُ بِمَحَبَّتِهِمْ لَهُ، وَهُوَ يُوَالِيهِمْ بِمَحَبَّتِهِ لَهُمْ، فَاللَّهُ
يُوَالِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِحَسَبِ مَحَبَّتِهِ لَهُ.
وَلِهَذَا أَنْكَرَ
سُبْحَانَهُ عَلَى مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ، بِخِلاَفِ مَنْ وَالَى
أَوْلِيَاءَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَّخِذْهُمْ مِنْ دُونِهِ، بَلْ مُوَالاَتُهُ
لَهُمْ مِنْ تَمَامِ مُوَالاَتِهِ.
وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ
سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْمَحَبَّة، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ
ذَلِكَ فَقَدِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ أَنْدَادًا يُحِبّونُهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ،
قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ
مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ} [الْبَقَرَةِ: 165] . وَأَخْبَرَ عَمَّنْ سَوَّى بَيْنَهُ
وَبَيْنَ الأَْنْدَادِ فِي الْحُبِّ، أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي النَّارِ لِمَعْبُودِيهِمْ: {تَٱللَّهِ
إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨} [الشُّعَرَاءِ:
97- 98] .
وَبِهَذَا التَّوْحِيدِ فِي
الْحُبِّ أَرْسَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ جَمِيعَ رُسُلِهِ، وَأَنْزَلَ جَمِيعَ
كُتُبِهِ، وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ دَعْوَةُ جَمِيعِ الرُّسُلِ مِنْ أَوَّلِهِمْ
إِلَى آخِرِهِمْ، وَلأَِجْلِهِ خُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَْرْضُ وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ،
فَجَعَلَ الْجَنَّةَ لأَِهْلِهِ، وَالنَّارَ لِلْمُشْرِكِينَ بِهِ فِيهِ.
****
الشرح
الوَلاية بفتح
الوَاو هي: الحُبُّ، وأما الوِلاية بكسرِ الوَاو فهي: الإِمَارة.
وقولُه: «وقَد أنكَر على مَن سَوَّى بَينَه وبَين غيرِه في المَحَبَّة»، فالمُشرِكون يُحبونَ اللهَ ويُحبونَ مَعه الأصنَام والمَعبودَات مِن دُونِ الله، فأَشرَكوهُم معَ اللهِ في المَحَبَّة، أمَّا المُؤمنُون فَإنَّهم أَخلصُوا المَحَبَّة للهِ ولا يُحبُّون معَه غيرَه، ولذلك قَال: { وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ} [الْبَقَرَةِ: 165] .