×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

والشِّركُ: هو تَسويَة غيرِ اللهِ باللهِ عز وجل ؛ لأنَّ الذين عبَدوا الأَصنَام والأَشجَار والأَحجَار جَعلوهَا مُعادِلة للهِ ومُساويَة لَه، ولَولا أنَّهم يَرونَ أنَّها مُساويَة للهِ مَا عبَدوها، ولذلك يَندَمُون يَوم القيَامة إذا جُمعُوا هم ومَعبودَاتِهم في جَهنَّم، ويقولون: {تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨} [الشُّعَرَاءِ: 97- 98] .

وقال تعالى: {ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} [الأنعام: 1] يَعني: يُسوُّونَه بغيرِه، فَالكَافر والمُشرِك سوَّى غيرَ اللهِ باللهِ.

وقولُه: «وبهَذا التَّوحيدِ في الحُبِّ أرسَل اللهُ سبحانه جَميع رُسُلِه، وأَنزلَ جَميع كتُبِه»، اللهُ جل وعلا أَرسلَ الرُّسلَ وأَنزلَ الكُتبَ في الدَّعوَة إلى التَّوحيدِ وإِفرادِ اللهِ بالعبَادة، ومنْها المَحَبَّة، قال تعالى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ} [الأنبياء: 25] ، وقال عز وجل : {يُنَزِّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ بِٱلرُّوحِ مِنۡ أَمۡرِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرُوٓاْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱتَّقُونِ} [النحل: 2] .

فاللهُ تبارك وتعالى أَرسلَ الرُّسلَ وأَنزلَ الكُتبَ مِن أجلِ عبَادتِه وحدَه لا شَريكَ له؛ لأنَّ العبَادة تُوقيفيَّة لا تُؤخذُ مِن العَقل والتَّفكيرِ والتَّقالِيد، وإنَّما تُؤخذُ مِن الوَحي، فَلا يُعبَد اللهُ إلا بمَا شَرعَ في كُتبِه وعَلى أَلسَنة رُسُلِه، ولا يَجوزُ لأَحدٍ أنْ يَعبدَ اللهَ بدونِ دَليل مِن الكتَاب والسُّنة، كأنْ يَستحسنَ شَيئًا، أَو يُقلِّد أَحدًا، ولذلك قَال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1])، وفي رِوَاية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ» ([2]). أَي: مَردودٌ عليْه؛ فالعبَادة تَوقيفيَّة لا يشْرعُ منهَا شَيءٌ إلا بدَليلٍ.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).

([2])أخرجه: مسلم رقم (1718).