×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وَقَدْ أَقْسَمَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ: «لاَ يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يَكُونَ هُوَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» ([1])، فَكَيْفَ بِمَحَبَّة الرَّبِّ جَلَّ جَلاَلُهُ؟

وَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه : «لاَ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ» ([2]) أَيْ لاَ تُؤْمِنُ حَتَّى تَصِلَ مَحَبَّتُكَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ.

وَإِذَا كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا فِي الْمَحَبَّة وَلَوَازِمِهَا، أَفَلَيْسَ الرَّبُّ جَلَّ جَلاَلُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، وتبارك اسمه، وتعالى جده، ولا إله غيره - أَوْلَى بِمَحَبَّتِهِ وَعِبَادَتِهِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟

****

الشرح

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَقسَم فقال: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ، وَوَلَدِهِ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»، فشَرْط الإيمَان أنْ يَكونَ الرَّسولُ أحبَّ إلى العَبدِ مِن ولَدِه ووَالِده والنَّاس أَجمَعين، وحتَّى مِن نفسِه؛ لأنَّ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم هو الذي أَخرجنَا اللهُ به منَ الظُّلمَات إلى النُّور، وهَدانا بِه إلى الصِّراطِ المُستَقِيم، فلا أَحَد مِن الخَلقِ أحَب مِن الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم .

ومَحَبَّة الرَّسولِ صلى الله عليه وسلم بعد مَحَبَّة الله، وهي تَابعَة لمَحَبَّة اللهِ سبحانه وتعالى ، فَإذا كانَ الإِنْسَان لا يُؤمنُ حتَّى يَكونَ الرَّسولُ أحبَّ إليْه مِن ولَدِه ووَالدِه والنَّاس أَجمعِين، فَكيفَ بِمَحَبَّة اللهِ جل وعلا التي هِي الأَصل؟!

ولمَّا قال عُمرُ رضي الله عنه للنَّبي صلى الله عليه وسلم : يَا رسُولَ الله، والله لأَنتَ أَحَب إلىَّ مِن كل شَيءٍ إلا مِن نَفسِي. قال له صلى الله عليه وسلم : «لاَ يَا عُمَر، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فقال عُمر: والذي بَعثَك بالحَق لأنتَ أحَب إلىَّ مِن نَفسِي. قال: «الآنَ يَا عُمَر».


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (15)، ومسلم رقم (44).

([2])أخرجه: البخاري رقم (6632).