×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 كان رأسًا في أهلِ المَدينةِ وله مَكانَة؛ وأيضًا فإنَّ في الحدِّ تطهيرًا ومَصلحَة لأهلِ الإيمَان، وهؤلاء لا يُطهرُهم الحدُّ ولا يُفيدُهم شيئًا، فترَكهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولكنَّ الله جل وعلا فضَحَهم، وأنزَل فيهم قُرآنًا يُتلى إلى يومِ القيَامَةفي ذمّهموالطَّعنِ فيهم والإِنكارِ عليهم. والشَّاهد مِن قِصَّة الإِفكِ قوله سبحانه وتعالى : {إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} [النور: 15] ، فَليسَ بالأمر الهَيِّن عندَ الله أنْ يَتكلَّمَ الإِنْسَان وهو لم يَتثبت في مثل هذه الأُمور، بل هذا عندِ اللهِ عظيم، وإنْ كان المُتكلِّم يظنه هينًا ولا أَثرَ له؛ وهذا يَقعُ كثيرًا في النَّاس، لا يَحسبُون لِكلامِهم حُسبانًامع أنَّه مُسجَّل عندَ الله، وسيُجازَى كلُّ إِنْسَانٍ يوم القيَامةِ بما كَان يَلفظُه في هذه الدُّنيا مِن خيْر أو شرٍّ.

فهذه القِصَّة فيها فَوائدُ عَظيمَة وفيهَا مَواعِظ وأحكَام كَثيرَة، وفيها دَليلٌ على طَهارَة زَوجَةِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الطَّيبَة المُطيَّبة، الصَّدِّيقَة بِنتِ الصِّديق التي اختَارَها الله لِنبيِّه، والتي هي أَحبُّ نسائه إليْه، وأَبُوها أحبُّ الرِّجال إليْه.

وقَد كان المُنافِقونَ يُريدُون أنْ يُنزِلوُها مِن هذه المَكانة، ولكنَّها زَادتْ رِفْعةً عنْد اللهِ سبحانه وتعالى ، وزادَهم اللهُ ذُلًّا وانخفَاضًا: { لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ} [النور: 11] ؛ فصَار خَيرًا لها ولرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، وصَارتْ شرًّا على المُنافِقين، وضَررًا على المُؤمنين الذين يَتكلَّمُون بالإِفْك.


الشرح