{فَلَمَّا نَسُواْ مَا
ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا
فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ ٤٤فَقُطِعَ
دَابِرُ ٱلۡقَوۡمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْۚ وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ
٤٥} [الأَْنْعَامِ:
44- 45] .
وَقَالَ تَعَالَى
لأَِصْحَابِ هَذِهِ اللَّذَّةِ: { أَيَحۡسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم
بِهِۦ مِن مَّالٖ وَبَنِينَ ٥٥نُسَارِعُ لَهُمۡ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۚ بَل لَّا يَشۡعُرُونَ
٥٦} [الْمُؤْمِنُونَ:
55- 56] .
وَقَالَ فِي حَقِّهِمْ: {فَلَا
تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ
لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ
كَٰفِرُونَ} [التَّوْبَةِ:
55] .
وَهَذِهِ اللَّذَّةُ
تَنْقَلِبُ آخِرًا آلاَمًا مِنْ أَعْظَمِ الآْلاَمِ، كَمَا قِيلَ:
|
مَآرِبُ كَانَتْ فِي الْحَيَاةِ
لأَِهْلِهَا |
|
عَذَابًا فَصَارَتْ فِي الْمَعَادِ
عَذَابًا |
النَّوْعُ الثَّالِثُ:
لَذَّةٌ لاَ تُعْقِبُ لَذَّةً فِي دَارِ الْقَرَارِ وَلاَ أَلَمًا، وَلاَ تَمْنَعُ
أَصْلَ لَذَّةِ دَارِ الْقَرَارِ، وَإِنْ مَنَعَتْ كَمَالَهَا، وَهَذِهِ
اللَّذَّةُ الْمُبَاحَةُ الَّتِي لاَ يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى لَذَّةِ الآْخِرَةِ،
فَهَذِهِ زَمَانُهَا يَسِيرٌ، لَيْسَ لِتَمَتُّعِ النَّفْسِ بِهَا قَدْرٌ، وَلاَ
بُدَّ أَنْ تَشْتَغِلَ عَمَّا هُوَ خَيْرٌ وَأَنْفَعُ مِنْهَا.
وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ
الَّذِي عَنَاهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «كُلُّ لَهْوٍ يَلْهُو
بِهِ الرَّجُلُ فَهُوَ بَاطِلٌ إِلاَّ رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ
فَرَسَهُ، وَمُلاَعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ» ([1]).
فَمَا أَعَانَ عَلَى
اللَّذَّةِ الْمَطْلُوبَةِ لِذَاتِهَا فَهُوَ حَقٌّ، وَمَا لَمْ يُعِنْ عَلَيْهَا
فَهُوَ بَاطِلٌ.
****
الشرح
كَثيرٌ مِن الجهَّال يَتساءلُون ويَقولُون: لمَاذا الكفَّار يُمتَّعون في الدنيَا، وعندَهم بَهجَة الدنيَا والمنَاظر البَهيجَة والثَّروَات، وهُم يَكفرُون بالله؟ ولمَاذا يَكونُ المُؤمنُ في ضِيق وفَقرٍ وفَاقَة؟
([1])أخرجه: أبو داود رقم (2513)، والترمذي رقم (1637)، والنسائي رقم (3580)، وابن ماجه رقم (2811).