×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وقَد يَحمِل هذا بعضَهم على الكُفرِ باللهِ عز وجل ، وهُو لا يَدري «أَنَّ اللهَ يُعْطِيِ الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ، وَلاَ يُعْطِي الدِّينَ إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ» ([1])، و«لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» ([2]).

فاللهُ يَستدْرج الكفَّار بهذه النِّعم ليَزدادُوا كُفْرًا وتَعظُم عُقوبتُهم في الآخرَة، فلو لمْ يُعطَوا هذا لكَان أَسهَل عليهم: {فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ} يعني: القُرْآن {سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ}: يُمهلُهم اللهُ ويُعطيهم الأعمَال والأموَال، {إِنَّ كَيۡدِي مَتِينٌ} [القلم: 44، 45] ، {وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} [آل عمران: 178] ، {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} [الأنعام: 44] ، والآيَاتُ في هذا كَثيرَة.

أعطَاهم المُخترعَات والمَلذَّات والثَّروَات والبِلاد الطَّيبَة، ليَستدرجَهم وتَزيدَ غَفلتُهم وتَكبُّرُهم وكُفرُهم، حتَّى يَأخذَهم اللهُ على غِرَّة وهم ليسُوا على شَيءٍ: {أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ}: آيسُون مِن رحمَة الله عز وجل ، لا طَمعَ لهم في النَّجَاة.

قال تعالى: {فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} [التوبة: 55] . أمدَّهم بالأمُوالِ والأَولادِ لتَكونَ وبَالاً عَليْهم، فيَحرِصُون عليهَا ويُتَابعُونها لئلا تَضيعَ،


الشرح

([1])أخرجه: الحاكم رقم (94)، والبيهقي في الشعب رقم (5136).

([2])أخرجه: الترمذي رقم (2320)، وابن ماجة (4110)، والطبراني في الكبير رقم (5840).