وقَد يَحمِل هذا بعضَهم على
الكُفرِ باللهِ عز وجل ، وهُو لا يَدري «أَنَّ
اللهَ يُعْطِيِ الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ، وَلاَ يُعْطِي الدِّينَ
إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ» ([1])، و«لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ
اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» ([2]).
فاللهُ يَستدْرج الكفَّار
بهذه النِّعم ليَزدادُوا كُفْرًا وتَعظُم عُقوبتُهم في الآخرَة، فلو لمْ يُعطَوا
هذا لكَان أَسهَل عليهم: {فَذَرۡنِي وَمَن يُكَذِّبُ
بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِۖ} يعني: القُرْآن {سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ
حَيۡثُ لَا يَعۡلَمُونَ}: يُمهلُهم اللهُ ويُعطيهم الأعمَال والأموَال، {إِنَّ
كَيۡدِي مَتِينٌ} [القلم: 44، 45] ، {وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ
كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي
لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} [آل عمران: 178] ، {فَلَمَّا
نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ
إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ} [الأنعام: 44] ،
والآيَاتُ في هذا كَثيرَة.
أعطَاهم المُخترعَات
والمَلذَّات والثَّروَات والبِلاد الطَّيبَة، ليَستدرجَهم وتَزيدَ غَفلتُهم
وتَكبُّرُهم وكُفرُهم، حتَّى يَأخذَهم اللهُ على غِرَّة وهم ليسُوا على شَيءٍ: {أَخَذۡنَٰهُم
بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ}: آيسُون مِن رحمَة الله عز وجل ، لا طَمعَ لهم في
النَّجَاة.
قال تعالى: {فَلَا تُعۡجِبۡكَ أَمۡوَٰلُهُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُهُمۡۚ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَتَزۡهَقَ أَنفُسُهُمۡ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ} [التوبة: 55] . أمدَّهم بالأمُوالِ والأَولادِ لتَكونَ وبَالاً عَليْهم، فيَحرِصُون عليهَا ويُتَابعُونها لئلا تَضيعَ،