وَفِي كِتَابِ السُّنَّةِ لِعَبْدِ اللَّهِ
ابْنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ مَرْفُوعًا: «كَأَنَّ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
لَمْ يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ، إِذَا سَمِعُوهُ مِنَ الرَّحْمَنِ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ
يَسْمَعُوا قَبْلَ ذَلِكَ» ([1]).
****
الشرح
هذا مُؤمنُ آلِ فِرعَون
يَنصحُهم ويُذكِّرُهم بالآخرَة، ويُحذِّرهم مِن الاغترَار بمَا هُم عليْه مِن
زَهرَة الدُّنيا، ويَحثُّهم على اتبَاع مُوسَى عليه السلام وطَاعتِه؛ لأنَّه
يَدعُو إلى اللهِ عز وجل ، ويُحذِّرُهم مِن طَاعةِ فرْعونَ الذي يُهلكُهم، فقَال
نَاصحًا لَهم: { يَٰقَوۡمِ
إِنَّمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا مَتَٰعٞ وَإِنَّ ٱلۡأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ
٣٩مَنۡ عَمِلَ سَيِّئَةٗ فَلَا يُجۡزَىٰٓ إِلَّا مِثۡلَهَاۖ وَمَنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا
مِّن ذَكَرٍ أَوۡ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَأُوْلَٰٓئِكَ يَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ
يُرۡزَقُونَ فِيهَا بِغَيۡرِ حِسَابٖ ٤٠۞وَيَٰقَوۡمِ مَا لِيٓ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلنَّجَوٰةِ
وَتَدۡعُونَنِيٓ إِلَى ٱلنَّارِ ٤١تَدۡعُونَنِي لِأَكۡفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشۡرِكَ بِهِۦ
مَا لَيۡسَ لِي بِهِۦ عِلۡمٞ وَأَنَا۠ أَدۡعُوكُمۡ إِلَى ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡغَفَّٰرِ
٤٢} [غافر: 39- 42] ،
مَواعِظ عَظيمَة.
وقولُه: «إِذا عرفَ هذا فأَعظَم نَعِيم الآخرَة ولذَّاتهَاهو النَّظرُ إلى وَجْه الرَّب جل جلاله، وسَمَاعُ كلامِه مِنه، والقُربُ منْه»، هم أَحبُّوا اللهَ عز وجل وأطَاعُوه في هذه الدُّنيَا وهُم لمْ يروْه، وإنَّما آمنُوا بِه بِناءً على الآيَاتِ الدَّالَة على اللهِ تبارك وتعالى ، ومَا هُم فِيه مِن النِّعم التي أَعطَاهم، فيُحبُّونه لأنَّه هو المُنعِم عليْهم، وأَعظَم نِعمَة أنَّه هَداهُم إلى الإِيمَان الذي تَطمئنُ بِه قُلوبُهم، وتَنشَرح بِه صُدورُهم، فهو نِعمَة عَظيمَة، بَينمَا الكَافرُ يَتقلَّب في الهُمومِ والأَحزَان والوَساوسِ، وإنْ كانَ عندَه الثَّروات الطَّائلة فَإنَّ قلبَه في وحَشَة، وهذا شَيءٌ ظَاهرٌ على أَهلِ الكُفرِ وأَهلِ الفِسقِ.
([1])أخرجه: الرافعي في التدوين في أخبار قزوين (2/403).