فالنَّبِيُّ صلى الله عليه
وسلم حُبِّب إليه النِّسَاء، وحُبُّ المُؤمن للنِسَاء ليسَ فيه لَوم، وإنَّما
اللَّومُ يَكونُ إذا اتَّبع الشَّهواتِ ووَقعَ في المُحرَّم، أمَّا إذا تَزوجَ مَن
أحبَّها فهذا طيِّبٌ، وكذلك لو أَحبَّ امرَأَة ولمْ يَقدِر على زَواجِها ليسَ فيه
بأْسٌ ما دَام لمْ يَقعْ في شَيءٍ مُحرَّم، أمَّا إذا اتَّبع شَهوَاته ووقَع في
الحَرام؛ فهذا الذي فيه اللَّوم.
قال تعالى: {زُيِّنَ
لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ} [آل عمران: 14] .
فَلا بَأسَ في حُبِّ النِّسَاء والبَنينَ إلا إذا قَدمَه على مَحَبَّة اللهِ
وطاعتِه، فهذا الذي فيه اللَّوم.
والذين يُنادُون بِتحرِيم
تَعدُّد الزَّوجَات - حتَّى مِن الذين يَدَّعون الإسَلام - يَستنكرُون أنَّ الرَّسُولَ
تزوَّج بتِسْع، ويقُولون: هذا دَليلٌ على أنَّه شَهوَاني! ويَلتمسُون الطَّعنَ في
الرسُول صلى الله عليه وسلم ، وهذه رِدَّة عن دينِ الإسَلام، إذَا قالَها مَن
يدَّعي الإسلاَم فهو مُرتَد، أمَّا إذا قَالها كَافرٌ فالكَافر لا لَوم عليْه،
وليسَ بعدَ الكُفر ذَنب.
وكَونُ اليَهودِ يقولُون هذه
المَقَالة، فهذا مِن أسهَل ما يقُولونَ في الرسُول صلى الله عليه وسلم ، لكنَّ
المُصيبَة أنْ يَأتيَ مِن أبنَاء المُسلمِين مَن يدَّعي الإسْلام ويَتنقِصُ
الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم .
والرَّسُول صلى الله عليه وسلم تزوَّج بِتسْع لمصَالحَ عَظيمَة، لا لأَجلِ الشَّهوة فقط، فالشَّهوة إذا صُرِفَت فيمَا أحلَّ اللهُ فليسَ فيها بَأسٌ، لكنَّه لمْ يَتزوجْ مِن أجلِ الشَّهوة فقط، بل تَزوَّجَ لمصَالح عَظيمَة؛ مِن أَجلِ تَأليفِ النَّاس، ولأَجلِ أنَّ النِّسَاءَ يَروينَ عنه السُّنة التي لا يَطَّلع عليْها إلا أَهلُ بيتِه، ولأَجلِ أنْ تَنالَ هذه النِّسَاءُ شَرفَ أُمَّهات ا لمُؤمنينَ، ويَكنَّ زوجَاته في الجنَّة؛ ففيهَا مَصالحُ عَظيمَة.