وتَعدُّد زَوجاتِ الرسُول
صلى الله عليه وسلم هذا مِن شَرفِه ومَكارمِه وكمَالِه، وليسَ ممَّا يُؤخذُ عليه،
وهذا مِن فَضِل اللهِ جل وعلا عليْه أنَّ اللهَ أبَاح له أنْ يتزوَّج بهذا العدَد
وهو مِن خَواصِّه صلى الله عليه وسلم ، أما عامَّة المُسلمينَ فهُم مُقصُورونَ على
أَربَع: {وَإِنۡ
خِفۡتُمۡ أَلَّا تُقۡسِطُواْ فِي ٱلۡيَتَٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ ٱلنِّسَآءِ
مَثۡنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَۖ} [النِّسَاء: 3] .
وتَعدُّد الزَّوجَات ليس
خَاصًّا بالإِسلامِ ولا بالرَّسُول صلى الله عليه وسلم ، بل كانَ في شَريعَة
الأُمم قبلنَا، كمَا كانَ داودُ وسليمَان عليهما السلام عندَهما مِن الزَّوجَات
العَدد الكَثير، وكذلك إِبرَاهيم عليه السلام كانَ عندَه سَارة بنْت عمِّه، وكانتْ
مِن أجمَل نِسَاء العالم، ومع هذا تَسرَّى بهَاجر أمِّ أسمَاعيل؛ فتعدُّد
الزَّوجَات والسَّراري هذا أَمرٌ مَحمُود فيه مصَالح.
وقد ثبتَ في الصَّحيحَين عن رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ، يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، جَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ». لأنَّه لمْ يقُل: إنْ شَاء اللهُ. ولو قَال: إنْ شَاء اللهُ. لحصَل له مَطلُوبه، كما قال صلى الله عليه وسلم : «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (2819)، ومسلم رقم (1654).