×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَقَدْ ذَكَرَ الإِْمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ يَوْمَ جَلُولاَءَ جَارِيَةٌ كَأَنَّ عُنُقَهَا إِبْرِيقٌ مِنْ فِضَّةٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «فَمَا صَبَرْتُ عَنْهَا أَنْ قَبَّلْتُهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ» ([1]).

وَبِهَذَا احْتَجَّ الإِْمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الاِسْتِمْتَاعِ مِنَ الْمَسْبِيَّةِ قَبْلَ الاِسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ، بِخِلاَفِ الأَْمَةِ الْمُشْتَرَاةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ انْفِسَاخَ الْمِلْكِ لاَ يُتَوَهَّمُ فِي الْمَسْبِيَّةِ بِخِلاَفِ الْمُشْتَرَاةِ، فَقَدْ يَنْفَسِخُ فِيهَا الْمِلْكُ، فَيَكُونُ مُسْتَمْتِعًا بِأَمَةِ غَيْرِهِ.

وَقَدْ شَفَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِعَاشِقٍ أَنْ تُوَاصِلَهُ مَعْشُوقَتُهُ بِأَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَأَبَتْ، وَذَلِكَ فِي قِصَّةِ مُغِيثٍ وَبَرِيرَةَ «لَمَّا رَآهُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَمْشِي خَلْفَهَا وَدُمُوعُهُ تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهِ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لَوْ رَاجَعْتِيهِ؟ فَقَالَتْ: أَتَأْمُرُنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لاَ، إِنَّمَا أَشْفَعُ»، فَقَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ، فَقَالَ لِعَمِّهِ: «يَا عَبَّاسُ أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيَرَةَ، وَمِنْ بُغْضِهَا لَهُ» ([2])، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ حُبَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ فإن هذا ما لا يملكه.

****

الشرح

قوله صلى الله عليه وسلم : «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاء وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ»، هذه هي الرواية الصحيحة، أما رواية: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلاَثٌ»، فهي خَطأٌ؛ لأنَّ الصَّلاة ليسَت مِن أُمورِ الدنيَا، وإنَّما هي مِن أمُور الآخرَة.


الشرح

([1])أخرجه: أحمد في العلل ومعرفة الرجال، رواية ابنه عبد الله (2/260).

([2])أخرجه: البخاري رقم (5283).