وَمَا زَالَتْ تَبْذُلُ
لَهُمُ الْمَالَ حَتَّى زَوَّجُوهَا مِنْهُ، وَإِذَا الْمَرْأَةُ أَعْشَقُ لَهُ
مِنْهُ لَهَا، فَكَانَتْ تَعُدُّهُ مِنْ أَعْظَمِ حَسَنَاتِهَا، وَتَقُولُ: مَا
أَنَا بِشَيْءٍ أَسَرَّ مِنِّي مِنْ جَمْعِي بَيْنَ ذَلِكَ الْفَتَى وَالْفَتَاةِ ([1]).
وَقَالَ الْخَرَائِطِيُّ:
وَكَانَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ غُلاَمٌ وَجَارِيَةٌ يَتَحَابَّانِ،
فَكَتَبَ الْغُلاَمُ إِلَيْهَا يَوْمًا:
|
وَلَقَدْ رَأَيْتُكِ فِي الْمَنَامِ
كَأَنَّمَا |
|
عَاطَيْتِنِي مِنْ رِيقِ فِيكِ
الْبَارِدِ |
|
وَكَأَنَّ كَفَّكِ فِي يَدِي
وَكَأَنَّنَا |
|
بِتْنَا جَمِيعًا فِي فِرَاشٍ
وَاحِدِ |
|
فَطَفِقْتُ يَوْمِي كُلَّهُ
مُتَرَاقِدًا |
|
لأَِرَاكِ فِي نَوْمِي وَلَسْتُ
بِرَاقِدِ |
فَأَجَابَتْهُ الْجَارِيَةُ:
|
خَيْرًا رَأَيْتَ وَكُلُّ مَا
أَبْصَرْتَهُ |
|
سَتَنَالُهُ مِنِّي بِرَغْمِ الْحَاسِدِ |
|
إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ
مُعَانِقِي |
|
فَتَبِيتُ مِنِّي فَوْقَ ثَدْيٍ
نَاهِدِ |
|
وَأَرَاكَ بَيْنَ خَلاَخِلِي
وَدَمَالِجِي |
|
وَأَرَاكَ فَوْقَ تَرَائِبِي
وَمَجَاسِدِي |
فَبَلَغَ سُلَيْمَانَ ذَلِكَ
فَأَنْكَحَهَا الْغُلاَمَ وَأَحْسَنَ حَالَهُمَا عَلَى فَرْطِ غَيْرَتِهِ.
وَقَالَ جَامِعُ بْنُ
بِرْخِيَّةَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ مُفْتِي الْمَدِينَةِ: هَلْ فِي
حُبٍّ دَهَمَنَا مِنْ وِزْرٍ؟
فَقَالَ سَعِيدٌ: إِنَّمَا
تُلاَمُ عَلَى مَا تَسْتَطِيعُ مِنَ الأَْمْرِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: وَاللَّهِ مَا
سَأَلَنِي أَحَدٌ عَنْ هَذَا، وَلَوْ سَأَلَنِي مَا كُنْتُ أُجِيبُ إِلاَّ بِهِ ([2]).
فَعِشْقُ النِّسَاء ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ هُوَ قُرْبَةٌ وَطَاعَةٌ، وَهُوَ عِشْقُ امْرَأَتِهِ وَجَارِيَتِهِ، وَهَذَا الْعِشْقُ نَافِعٌ؛ فَإِنَّهُ أَدْعَى إِلَى الْمَقَاصِدِ الَّتِي شَرَعَ اللَّهُ لَهَا النِّكَاحَ، وَأَكَفُّ لِلْبَصَرِ وَالْقَلْبِ عَنِ التَّطَلُّعِ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ، وَلِهَذَا يُحْمَدُ هَذَا الْعَاشِقُ عِنْدَ اللَّهِ، وَعِنْدَ النَّاسِ.
([1])ينظر: ربيع الأبرار (2/428).