×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

ومِن أسبَابِ الوقُوع في هذا المَرض أيضًا: مُخالطَة الرَّجالِ للنِسَاء، فهما أَمرَان حذَّر منْهمَا الشَّرع؛ فحذَّر مِن إِطلاَق البَصر، وحذَّر مِن خُلوةِ الرَّجل بالمَرأة، ومِن مُخالطَة الرَّجال للنِسَاء، فكلُّ ذلك سدًّا لذَرائع الشَّر.

وقد يَجرُّه إطلاقُ البَصر إلى فِتنَة أَعظَم، وهي الابتِلاء بالمرْدَان - والعياذ بالله - ، فيُوقِع صاحِبه في اللوَاط الذي هو أَشدَّ مِن الزِّنا.

فعلى المُسلمِ أنْ يَغضَّ بصرَه عن كلَّ ما حرَّم الله؛ لئلا يَجرُّه إلى السُّوء وإلى الشَّر، فما وَقع النَّاس في جَريمة اللوَاط إلا بسَبب النَّظر وتَعلُّق القَلب بالمنظور إليْه، وما وَقعُوا في الزِّنا إلا بسَببِ النَّظر إلى النِّسَاء وتَعلُّق قلبِ النَّاظر إليْهن، وعِلاج هذا الدَّاء هو مَا أَرشدَ الله إليه «غضُّ البصر».

ومَن أحسَّ مِن نفسِه شَهوةً قويَّة فعليَّه أنْ يُبادرَ بالزَّواج، وقد قَال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعشَر الشَّبابَ، مَنِ اسْتَطاعَ مِنكُم البَاءَةَ فَلْيَتزَوَّج، فإِنَّه أَغضُّ للبَصَرِ، وأَحصَنُ للفَرْجِ» ([1]). فالعِلاج بعدَ غضَّ البَصرِ الزَّواج.

وقولُه: «وهذه المَحَبَّة هي التي جَلبتْ على قَومِ لُوطٍ ما جَلبَت، فمَا أتوا إلا مِن هذا العِشْق»، لأنَّ التَّعلق بالذُّكورِ هذا خِلاف الفِطرةِ التي فطَر اللهُ النَّاس عليهَا، وهذا لا يُوجدُ في البهَائم أَبدًا، وإنَّما وَقعَ في بني آدَم؛ لأنَّ الإِنْسَان - كما قَال الله جل وعلا - : {إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا} [الأحزاب: 72] ، فقدْ يَفعلُ أَشياءَ تَأنفُ البهَائم مِن فعلِها: {إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان: 44] ، فاللُّوطيَّة أَحطُّ مِن البَهائم؛ لأنَّ البهَائمَ لا تَفعلُ هذا.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (1905)، ومسلم رقم (1400).