وقولُه: «وقَد تَداوَى به دَاوُد»: يُشيرُ إلى قصَّة داودَ عليه السلام لمَّا
امتَحنَه الله: {
۞وَهَلۡ أَتَىٰكَ
نَبَؤُاْ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُواْ ٱلۡمِحۡرَابَ ٢١إِذۡ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُۥدَ
فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضٖ
فَٱحۡكُم بَيۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَٰطِ
٢٢ إِنَّ هَٰذَآ أَخِي لَهُۥ تِسۡعٞ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةٗ وَلِيَ نَعۡجَةٞ وَٰحِدَةٞ
فَقَالَ أَكۡفِلۡنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ ٢٣} [ص: 21- 23] . وقد رُوي في تَفسير هذه الآيات أنَّ
داودَ عليه السلام رأَى امرَأةً فأَعجبَته فتَزوجَها؛ فأتَاها بالحَلالِ ولم
يَأتِها بالحرَام، فكانَ سَببُ فِتنتِه بها أنَّه وقَع نظرُه عليها، لكنْ
بالنِّسبَة له عليه السلام اعتَبر اللهُ ذلك في حقِّه ذنبًا؛ فتَاب دَاود عليه
السلام مِن ذلك، فتَاب اللهُ عليْه: {قَالَ لَقَدۡ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ
نَعۡجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِۦۖ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡخُلَطَآءِ لَيَبۡغِي بَعۡضُهُمۡ
عَلَىٰ بَعۡضٍ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَقَلِيلٞ مَّا
هُمۡۗ وَظَنَّ دَاوُۥدُ أَنَّمَا فَتَنَّٰهُ فَٱسۡتَغۡفَرَ رَبَّهُۥ وَخَرَّۤ رَاكِعٗاۤ
وَأَنَابَ۩ ٢٤ فَغَفَرۡنَا لَهُۥ
ذَٰلِكَۖ وَإِنَّ لَهُۥ عِندَنَا لَزُلۡفَىٰ وَحُسۡنَ مََٔابٖ ٢٥} [ص: 24، 25] .
فهذا هُو مُلخَّص القِصَّة
أنَّه لمَّا أعجَبتْه مَا تَابعَها، مع أنَّه مَلِكٌ إِذا أَمَر يُجاب، لكنَّه
أرَاد الحَلالَ ولمْ يُرِدِ الحَرامَ؛ لكنَّ اللهَ جل وعلا لامَه على إلقَاء
نظَرِه عليها، والنَّظر إلى النِّسَاءِ فِتنَة لاشكَّ في ذلك.
وأشَار المُصنِّف رحمه الله إلى قِصَّة زَينب بِنتِ جَحشٍ رضي الله عنها ، فقدْ كانتْ زَوجةً لزَيدِ بنِ حَارثة رضي الله عنه مَولَى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وأرادَ زيدٌأنْ يُفارقَها، فجَاء إلى الرسُول صلى الله عليه وسلم يَستَشيرُه في طَلاقِها، فأَشَار عليه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أنْ يُبقيَهابعدمَا أَعلمَه اللهُ جل وعلا أنَّها سَتكُون زَوجةَ له، ولكنَّه أَخفَى ذلك في نَفسِه:{وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ} [الأحزاب: 37] أنعَم اللهُ عليْه بالإسلاَم، وأنعَم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عليْه بالعِتقِ، {أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِيهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖ}،