×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

فَقدْ أَعلمَه اللهُ جل وعلا أنَّه سَيتَزوجُها بعدَه، لكنَّه خَاف مِن مَلامَة النَّاس أن يَقولوا: تَزوَّج امرَأة ابنَه. لأنَّهم كانُوا في الجَاهليَّة يَتبنُّون الأشخَاص ويَعتَبرونَهم أبنَاءهم؛ فأرَاد اللهُ أنْ يُبطِل التَّبني، وأنَّه لا يَجوزُ للمُسلم أنْ يَأتِي بِولَدٍ مِن الشَّارع أَو دارِ الأيتَام ويَنسبَه لنَفسِه، فهذا حَرامٌ لا يَجوز، فلا يَكنْ ابنُك إلا مَن هو مِن صُلبِك، فأَراد الله سبحانه وتعالى أنْ يُبطلَ عادةَ التَّبني: {وَمَا جَعَلَ أَدۡعِيَآءَكُمۡ أَبۡنَآءَكُمۡۚ} [الأحزاب: 4] ، ومِن تمَام ذلك أنَّه أَمرَ نبيَّه أنْ يَتزوَّج زَوجةَ مَولاه زَيدِ بنِ حَارثَة ليَقضِي على هذه العَادة الجَاهليَّة.

لكنَّ الرسُولَ صلى الله عليه وسلم تَهيَّب ذلك حتَّى عَاتبَه اللهُ جل وعلا ، وتَولَّى عَقْد زَواجِ رسُولِ اللهِ مِن زَينبَ مِن فَوقِ سَبعِ سمَوات، فدَخل عليْها صلى الله عليه وسلم بتَزوِيج اللهِ إيَّاه لها.

وهذا مِن فضَائلهَا رضي الله عنها ، أنَّ اللهَ تَولَّى عَقدَها بنفسِه سبحانه وتعال: {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيۡدٞ مِّنۡهَا وَطَرٗا زَوَّجۡنَٰكَهَا لِكَيۡ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ حَرَجٞ فِيٓ أَزۡوَٰجِ أَدۡعِيَآئِهِمۡ إِذَا قَضَوۡاْ مِنۡهُنَّ وَطَرٗا} [الأحزاب: 37] ، فقَضَى بذلك على عَادَة الجَاهليَّة، وأنَّ الأَدعيَاء ليَسُوا أَبنَاء لمَوالِيهم، وأنَّه يَجوزُ للمُعتِق أنْ يتَزوَّج زَوجَة عَتيقِه، وأَبطلَ ما كَانوا يَعتقِدونَ في الجَاهليَّة أنَّه مِن أكبَر الكبَائر أنْ يتَزوَّج المُعتِقُ زَوجَة عَتيقِه.

ورَفَعَ اللهُ الحَرجَ عن نَبيِّه صلى الله عليه وسلم بقوله: {مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرٗا مَّقۡدُورًا} [الأحزاب: 38] ، فهُو سبحانه وتعالى الذي فرَضَ هذا وشَرعَه، فما عليْه مِن حرَجِ أنْ يَتزوَّج زَوجَة مَولاَه بعْد فِراقِهِمَا.


الشرح