10- بَيانُ فوائدِ الصِّيامِ
الحمد لله ربِّ
العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ خاتم النبين، وعلى آله وصحبه
والتابعين لهم بإِحسان؛ أَما بعد:
فإِن الصيام من
أَنفعِ العبادات وأَعظمِها أثارًا في تطهير النفوس وتهذيب الأَخلاق، وله فوائد
عظيمة، مِن أَعظمِها:
أَنه سببٌ لزَرْعِ
تقوى الله في القلوب، وكفِّ الجوارح عن المحرمات، قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، فيبين سبحانه في هذه الآية أَنه شرع
الصيامَ لعباده ليوفر لهم التقوى، والتقوى كلمةٌ جامعةٌ لكل خصال الخير، وقد علَّق
الله بالتقوى خيراتٍ كثيرةٍ وثمراتٍ عديدةٍ، وكرر ذكرها في كتابه لأَهميتها، وقد
فسَّرها أَهل العلم بأَنها: فِعْلُ أَوامرِ الله وتركِ مناهيه رجاءً لثوابه وخوفًا
من عقابه، وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّكُمۡ
تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]: قال الإمام القرطبي رحمه الله: ««لعلَّ» تَرَجٍّ في
حقِّهم، و«تتَّقون»: تتركون، فإِنه كلما قل الأَكل ضَعُفَتِ الشَّهوة، وكلما
ضَعُفَتِ الشَّهوة قلَّتِ المعاصي. وقيل: هو على العموم؛ لأَن الصيام - كما قال:
«الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَوِجَاءٌ»، وسببُ تقوى لأَنَّه يُميت الشهوات.
ومِن فوائد الصيام:
أَنه يُعوِّد الإِنسان الصَّبرَ والتَّحمُّلَ والجَلَد؛ لأَنه يحمِلُه على تَرْكِ
مأْلُوفِه ومفارقةِ شهواتِه عن طواعيةٍ واختيارٍ، وهو يُعطي قوَّةً للعاصي الذي
أَلِفَ المعاصي على ترْكِها والابتعاد عنها، فهو يُربِّيه تربيةً عمَلَيَّةً على
الصبر عنْها ونسيانِها حتى يتركَها نهائيًا.
الصفحة 1 / 112