26- في بيانِ فضلِ ليلةِ القَدرِ والحثِّ على الاجتهادِ فِيها
الحمد لله، فضَّل
شهر رمضانَ على غيره مِن الشهور، وخصَّه بليلةِ القَدر التي هي خيرٌ مِن أَلف شهر،
والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه؛ وبعد:
قال الله تعالى: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي
لَيۡلَةٖ مُّبَٰرَكَةٍۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ٣ فِيهَا
يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 3- 4]، وقال تعالى: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ ١ وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ ٢ لَيۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ خَيۡرٞ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرٖ ٣ تَنَزَّلُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَٱلرُّوحُ فِيهَا بِإِذۡنِ رَبِّهِم مِّن
كُلِّ أَمۡرٖ ٤ سَلَٰمٌ
هِيَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ﴾ [القدر: 1 - 5].
وهي في شهر رمضانَ
المبارك، لقوله تعالى: ﴿شَهۡرُ
رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ﴾ [البقرة: 185]،
وترجى في العَشر الأَواخر منه؛ لقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: «تَحَرَّوْا
لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» ([1]). فينبغي الاجتهاد
في كلِّ ليالي العَشر طلبًا لهذه الليلة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ» ([2]).
وأَخبر تعالى أَنها خيرٌ مِن أَلف شهرٍ، وسُميت ليلة القدر لأَنه يُقَدَّر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: ﴿فِيهَا يُفۡرَقُ كُلُّ أَمۡرٍ حَكِيمٍ﴾ [الدخان: 4]: وهو التَّقدير السنويُّ، وهو التَّقدير الخاص، أَما التقدير العامُّ فهو مُتقدِّم على خلق السماوات والأَرض بخمسين أَلف سنة،
([1])أخرجه : البخاري رقم (2020)، ومسلم رقم (792).
الصفحة 1 / 112