13- فيما يُكره للصَّائم
الحمد لله ربِّ
العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه أَجمعين؛ أَمَّا بعد:
اعلموا أَن الصائم
في عبادةٍ عظيمةٍ، لا يليق به أَن يُعكِّر صفْوها بما يُخلُّ بها مِن الأَقوال
والأَفعال غيرِ المناسبة؛ لأَنه في عبادةٍ ما دام صائمًا، حتى في حالةِ نومِه إِذا
قصد به التَّقوِّي على الصِّيام وصلاةِ الليل؛ فإِنَّ نومَه يكون عبادةً، فلا
ينبغي له أَن يتلبَّس بحالةٍ لا تتناسب مع هذه العبادة.
ولهذا كان السلف
الصَّالح إِذا صاموا جلسوا في المساجد وقالوا: نحفَظ صومَنا ولا نغتاب أَحدًا.
حِرصًا منهم على صيانةِ صيامِهم.
والمسلم الصائم لا يتعيَّن عليه أَن يكون دائمًا في المسجد؛ لأَنه يحتاج إِلى مزاولة أَعمالٍ يحتاج إِليها في معيشته، لكن يجب عليه المحافظة على حُرمةِ صيامه أَينما كان، فيَحرُم عليه التفوُّه بالرَّدِيء مِن الكلام: كالسَّبِّ، والشَّتم؛ ولو سبَّه أَحدٌ أو شتَمه فلا يرد عليه بالمثل، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أَخرجه الشيْخَان، عن أَبي هُريْرَة رضي الله عنه قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرِؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» ([1]). ورَوى الحَاكِمُ والبَيْهَقِيُّ عنه: «لَيْسَ الصِّيَامُ مِنَ الأَْكْلِ وَالشُّرْبِ إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، أَوْ جَهِلَ عَلَيْكَ؛ فَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» ([2]).
([1])أخرجه : البخاري رقم (7492)، ومسلم رقم (1151).
الصفحة 1 / 112