27- في بيانِ ما يَشرُع في خِتام الشَّهرِ
الحمد لله الذي تتم
بنعمتِه الصالحات، جعل لكل موجودٍ في هذه الدُّنيا زوالاً، ولكل مقيمٍ انتقالاً؛
ليعتبر بذلك أَهل الإِيمان، فيبادروا بالأَعمال ما داموا في زمنِ الإِمهال، ولا
يغترُّوا بطول الآمال؛ وصلَّى الله على نبينا محمدٍ، وآله وأَصحابه خيرُ صحبٍ
وآلٍ، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ وبعد:
عباد الله، تفكَّروا
في سُرعةِ مرور الليالي والأَيام، واعلموا أَنها تَنقُص بمرورها أَعمارُكم، وتُطوى
بها صحائف أَعمالكم؛ فبادروا بالتوبة والأَعمال الصالحةِ قبل انقضاءِ الفُرصة
السانِحة.
عباد الله، كنتم
بالأَمس القريبِ تستقبلون شهر رمضانَ المبارك، واليوم تودِّعونه مرتَحِلاً عنكم
بما أَودعتمُوه، شاهدًا عليكم بما عمِلتُموه، فهنيئًا لمن كان شاهدًا له عند الله
بالخير، شافعًا له بدخول الجنَّة والعتق مِن النار، وويلٌ لمن كان شاهدًا عليه
بسوءِ صَنيعِه، شاكيًا إِلى ربه من تفريطِه فيه وتضييعه، فودِّعوا شهر الصيامِ
والقيام بخير ختامٍ؛ فإِن الأَعمالَ الخواتم، فمن كان مُحسنًا في شهره فعليه
الإِتمام، ومن كان مُسيئًا فعليه بالتوبةِ والعملِ الصالح فيما بقي له من الأَيام،
فربما لا يعود عليه رمضانُ بعد هذا العام؛ فاختموه بخيرٍ، واستمروا على مواصلة
الأَعمال الصالحة التي كنتم تؤدُّونها فيه في بقية الشهور، فإِن ربَّ الشُّهور
واحدٌ، وهو مطلعٌ عليكم وشاهدٌ، وقد أَمركم بطاعته مدى الحياة، ومَن كان يعبد شهر
رمضانَ فإِن شهر رمضانَ قد انقضى وفات، ومن كان يعبد الله فإِن الله حيٌّ لا يموت؛
فليستمرَّ على عبادته في
الصفحة 1 / 112