×
إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان

 جميع الأَوقات، فإِن بعض الناس يتعبدون في شهر رمضانَ خاصَّة، فيحافظون فيه على الصلوات في المساجد، ويُكثرون مِن تلاوة القرآن، ويتصدَّقون من أَموالهم، فإِذا انتهى رمضان تكاسلوا عن الطاعة، وربما تركوا الجمعة فهدموا ما بنوه، ونقضوا ما أَبرموه، وكأَنهم يظنون أَن اجتهادهم في رمضانَ يُكفِّر عنهم ما يجري منهم في السَّنة مِن القبائح والموبقاتِ، وترْك الواجباتِ وفعْلِ المحرَّمات، ولم يعلموا أَن تكفيرَ رمضانَ وغيره للسيئات مقيَّدٌ باجتناب الكبائرِ والموبقات، قال تعالى: ﴿إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ [النساء: 31].

وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لمَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» ([1]). وأَيُّ كبيرةٍ عدا الشرك أَعظم من إِضاعة الصلاة! وقد صارت إِضاعتها عادةً مأْلوفةً عند بعض الناس.

إِن اجتهاد هؤلاءِ في رمضانَ لا ينفعهم شيئًا عند الله إِذا هم أَتبعوه بالمعاصي، مِن ترْك الواجباتِ وفعْل المحرَّمات؛ وقد سُئل بعض السَّلف عن قومٍ يجتهدون في شهر رمضانَ، فإِذا انقضى ضيَّعوا وأَساءوا؛ فقال: «بئسَ القومُ لا يعرفون اللهَ إِلا في رمضان». - نعم، لأَن من عَرَف الله خافَه في كل الزمان.

وبعض الناس قد يصوم رمضان ويصلِّي فيه، ويُظهر الخيرَ ويترك المعاصي لا إيمانًا واحتسابًا، وإِنما يفعل ذلك من باب المجاملةِ والمجاراتِ للمجتمع، لأَنه يعتبر هذا من التقاليدِ الاجتماعية، وهذا هو النِّفاق الأَكبر؛ فإِن المنافقين كانوا يُراءون الناس فيما يتظاهرون به من


الشرح

([1])أخرجه : مسلم رقم (233).