العبادة، وهذا يعتبر شهر رمضانَ سجنًا زمنيًّا
ينتظر انقضاءه لينقضَّ على المعاصي والمحرمات، يفرح بانقضاء رمضان لأَجل الإِفراج
عنه من سجنه.
روى ابنُ خُزَيْمَةَ
في «صَحِيحِه» عن أَبي هُريرَةَ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: «أَظَلَّكُمْ شَهْرُكُمْ هَذَا بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وسلم، مَا مَرَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَهْرٌ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْهُ، وَلاَ مَرَّ
بالْمُنَافِقِينَ شَهْرٌ شَرٌّ لَهُمْ مِنْهُ، بِمَحْلُوفِ رَسُولِ اللهِ صلى الله
عليه وسلم إِنَّ اللهَ لَيَكْتُبُ أَجْرَهُ وَنَوَافِلَهُ قَبْلَ أَن يَدْخُلَه،
وَيَكْتُبُ وِزْرَهُ وَشَقَاءَهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَه، وَذَلِكَ أَنَّ
الْمُؤْمِنَ يُعِدُّ فِيهِ الْقُوَّة والنَّفَقَة للْعِبَادَةِ، وَيُعِدُّ
الْمُنَافِقُ فِيهِ اتِّبَاعَ غَفْلَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَاتِّبَاعَ
عَوْرَاتِهِمْ، فَغَنِمَ بِغِنْمِهِ المؤْمِنُ» ([1]). الحديث.
والمؤمن يفرح
بانتهاءِ الشَّهر لأَنه استعمله في العبادةِ والطَّاعةِ، فهو يرجو أَجره وفضائله،
والمنافق يفرح بانتهاءِ الشهر لينطلقَ إِلى المعاصي والشهوات التي كان مسجونًا
عنها في رمضانَ، ولذلك فإِن المؤمن يُتبِعُ شهر رمضانَ بالاستغفار والتَّكبير
والعبادة، والمنافق يتبعه بالمعاصي واللَّهو وحفلاتِ الغناءِ والمعازفِ والطُّبولِ
فرحًا بفراقه.
فاتقوا الله عباد الله،
وودِّعوا شهركم بالتوبة والاستغفار.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمدٍ.
****
([1])أخرجه : ابن خزيمة رقم (1884)، واحمد رقم (8870)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (3335).
الصفحة 3 / 112