فَصْلٌ
إِذا تَبيَّن أَنَّه
لا تَوقِيتَ في عَدَدِ التراويح، وأَن وقتها عند جميع العلماءِ من بعد سُنة
العشاءِ إِلى طلوع الفجرِ، وأَن إِحياءَ العَشر سُنَّة مُؤكَّدةٌ، وأَن النبي صلى
الله عليه وسلم صلاها ليالي جماعةً - كما قدَّمنا -، فكيف يُنكر على من زاد في
صلاةِ العَشر الأَواخر عمَّا يفعله أَول الشَّهر؟ فيُصلِّي في العَشر أَوَّل
الليلِ كما يفعل في أَول الشَّهرِ، أَو أَقل أَو أَكثر مِن غير أَن يُوتر، وذلك
لأَجلِ الضَّعيف لمن يحبُ الاقتصارَ على ذلك، ثمَّ يزيد بعد ذلك ما يسَّره اللهُ
في الجماعةِ، ويُسمَّى الجميع قيامًا وتَراويح.
وربما اغتر المنكرُ
لذلك بقولِ كثير مِن الفقهاءِ: يُستحبُّ أَن لا يزيد الإِمام على ختمةٍ إِلا أَن
يُؤثرَ المأْمومون الزيادة. وعلَّلوا عدم استحباب الزيادة على ختمةٍ بالمشقَّة على
المأْمومين، لا كَوْنِ الزيادة غير مشروعة، ودل كلامهم على أَنهم لو آثروا
الزيادةَ على ختمةٍ كان مستحبًّا، وذلك مصرَّحٌ به في قولِهم: إِلا أَن يؤثر
المأْمومون الزيادة.
وأَما ما يجري على أَلسنة العوامِّ من تسميتهم ما يفعل أَول الليل تراويح، وما يُصلَّى بعد ذلك قيامًا، فهو تفريقٌ عامِّيٌّ، بل الكلُّ قيامٌ وتراويح، وإِنَّما سُمي قيام رمضانَ تراويحَ لأَنهم كانوا يستريحونَ بعد كلَّ أَربع ركعاتٍ مِن أَجل أَنهم كانوا يُطيلون الصلاة، وسبب إِنكار المنكِر لذلك لمخالفتِه ما اعتاده، وأَنه مِن عادة أَهل بلده وأَكثر أَهلِ الزمان، ولجهله بالسُّنة والآثار وما عليه الصحابة والتَّابعون وأَئمةُ الإِسلام.
الصفحة 1 / 112