12- ما يَحرُم ويُكرَه في حقِّ الصَّائم
الحمد لله على فضله
وإِحسانه، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ، وآله وصحبه ومَن اهتدى بهداه،
وتمسَّك بسُّنته إِلى يوم الدين؛ أَمَّا بعد:
اعلموا أَنَّ للصوم
آدابًا تجب مراعاتها والتخلق بها؛ ليكون الصَّوم مُتمشِّيًا على الوجه المشروع،
لتترتَّب عليه فوائده، ويحصل المقصود منه، ولا يكون تعبًا على صاحبِه بدون فائدة،
كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ
الْجُوعُ وَالْعَطَشُ» ([1]). فليس الصيام
مجرَّد ترك الطعام والشراب فقط، ولكنَّه مع ذلك تركُ ما لا ينبغي مِن الأَقوال
والأَفعال المحرَّمة أَو المكروهة.
قال بعضُ السَّلف:
أَهون الصِّيام ترك الطَّعام والشَّراب، فإِنَّه لا يتم التَّقرُّب إِلى الله بترك
الشهوات المباحةِ إِلاَّ بعد التقرب إِليه بترك ما حرَّم الله عليه في كل حالٍ.
والمسلم وإِن كان واجبًا عليه ترك الحرام في كل وقتٍ، إِلاَّ أَنه في وقت الصِّيام آكد، فالذي يفعل الحرام في غير وقت الصِّيام يأْثم ويستحقُّ العقوبة، وإِذا فعله في وقتِ الصِّيام فإِنَّه - مع الإِثمِ واستحقاقِ العقوبة - يُؤثَّر ذلك على صيامِه بالنقص أَو البُطلان، الصائم حقيقةً هو من صام بطنُه عن الشراب والطعام، وصامت جوارحُه عن الآثام، وصام لسانه عن الفُحْشِ ورَدِيء الكلام، وصام سمعُه عن استماع الأَغاني والمعازف والمزامير وكلام المغتَاب والنمَّام، وصام بصرُه عن النَّظر إِلى الحرام.
الصفحة 1 / 112