25- في بيان أَحكام
الاعتكافِ
الحمد لله وحده،
والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ الذي لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه؛ وبعد:
اعلموا أَن هناك
عبادةً عظيمةً تتعلق بالصيامِ وبالعَشر الأَواخر، وهي عبادة الاعتكاف، وقد ختم
الله به آيات الصِّيام حيث قال سبحانه: ﴿وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ﴾ [البقرة: 187].
والاعتكافُ لُغةً: لزُوم الشَّيءِ
والمكثُ عنده.
واصْطلاحًا: لزُوم المسجد لطاعة
الله، ويُسمَّى جُوارًا.
وهو سُنَّةٌ وقُربةٌ
بالكتاب والسنة والإِجماع، وهو من الشرائع القديمةِ، وفيه تقرُّب إِلى الله تعالى
بالمكثِ في بيتٍ من بيوتِه، وحبسٌ للنفس على عبادة الله، وقطعٌ للعلائق عن الخلائق
للاتصال بالخالق، وإِخلاءُ القلب مِن الشواغل عن ذِكر الله، والتفرُّغُ لعبادة
الله بالتَّفكُّر والذِّكر وقراءة القرآن، والصلاة والدعاء والتَّوبة والاستغفار.
والاعتكاف «مسنون كل
وقت»، ولكنه في رمضانَ آكد؛ لفعله ومداومته عليه، ففي «الصَّحيحَين» عن عَائشَةَ
رضي الله عنها: «كَانَ رَسُوُلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ العَشْرَ
الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ» ([1]).
وقد اعتكف أَزواجه رضي الله عنهن معه وبعده، ففي «الصَّحيحَين» عن عائشَةَ رضي الله عنها قالت: «ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعَدْهِ، واعْتَكَفْنَ مَعَهُ وَاسْتَتَرْنَ بِالأَخَبِيَةِ» ([2]).
([1])أخرجه : البخاري رقم (2026)، ومسلم رقم (1172).
الصفحة 1 / 112