وأَفضل الاعتكاف في
رمضانَ الاعتكاف في العَشر الأَواخر؛ لأَنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه إلى وفاتِه،
لقول عَائشَةَ رضي الله عنها: «كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ
رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ». ولأَن العشر الأَواخر أَرجى لتحرِّي ليلة
القدر.
والاعتكاف عملٌ
وعبادةٌ لا يصحُّ إِلا بشروط:
الأَول: النِّية: لقولِه
صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».
الثَّاني: أَن يكون في مسجدٍ:
لقوله تعالى: ﴿وَأَنتُمۡ
عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ﴾ [البقرة: 187]، فوصف المُعْتَكِف بكونه في المسجد، فلو
صح في غيرِه لم يختص تحريم المباشرة فيه، إذ هي مُحرَّمة في الاعتكاف مطلقًا،
ولأَنه صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في مسجدِه، وفِعلُه خرج بيانًا للمشروع.
الثالث: أَن يكون المسجد
الذي اعتكف فيه تُقام فيه صلاة الجماعة: لِما رَوى أَبو دَاودَ عن عَائشَةَ:
«وَلاَ اعْتِكَافَ إِلاَّ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ». ولأَن الاعتكاف في غير المسجد
الذي تقام فيه الجماعة يَفِي إِما إِلى ترْكِ الجماعة، وإِما إِلى تكرر خروج
المعتكِف كثيرًا مع إِمكان التحرُّز من ذلك، وهو مناف للاعتكاف.
ولا يجوز للمعتكِف
الخروج من معتَكَفه إلا لما لا بد منه، قالت عَائشَةُ رضي الله عنها: «السُّنَّةُ
لِلْمُعْتَكِفِ أَلاَّ يَخْرُجَ إِلاَّ لِما لاَ بُدَّ مِنْهُ». وكان صلى الله
عليه وسلم لا يدخل البيت إِلا لحاجةِ الإِنسان، ولا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازةَ،
إِلا إِن كان قد اشترط ذلك في ابتداءِ اعتكافه.
ويَحرُم على
المعتكِف مباشرة زوجتِه؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِۗ﴾ [البقرة: 187]: أي
ما دمتم عاكفين، ويُستحب اشتغاله بذكر الله من صلاةٍ وقراءةٍ وذِكرٍ، واجتناب ما
لا يَعنيه؛