امْرَأَتَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ صَامَتَا عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فكَادَتَا أَنْ تَمُوتَا مِنَ
الْعَطَشِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ؛ فَأَعْرَضَ
عَنْهُمَا، ثُمَّ ذُكِرَتَا لَه؛ فَدَعَاهُمَا فَأَمَرَهُمَا أَنْ تَسْتَقِيئَا -
أَيْ تَسْتَفْرِغَا مَا فَي بُطُوُنِهِمَا -، فَقَاءتَا مِلْءَ قَدَحٍ قَيْحًا
وَدَمًا صَدِيِدًا وَلَحْمًا عَبِيِطًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا
حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الأُْخْرَى،
فَجَعَلَتَا تَأْكُلاَنِ لُحُومَ النَّاسِ» ([1]). وما حصل مِن هاتين
المرأتين عند الرسول من تَقيُّؤِ هذه المواد الخبيثةِ الكريهةِ، هو ممَّا أَجراه
الله على يد رسولِه مِن المعجزات؛ ليتبيَّن للناس ما للغِيبَة مِن آثار قبيحةٍ،
وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا
يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ
مَيۡتٗا﴾ [الحُجُرات: 12].
وقد دلَّ الحديث على
أَن الغِيبةَ تُفطِّر الصائم، وهو تفطيرٌ معنويٌّ، معناه بطلان الثَّواب عند
الجمهور.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وآله وصحبه.
****
([1])أخرجه : أحمد رقم (23653)، وابن أبي شيبه رقم (662)، والبيهقي في دلائل النبوة رقم (186).
الصفحة 3 / 112