×
إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان

النَّوع الثالث «من مُفسدات الصَّوم»: الأَكل والشرب مُتعمِّدًا، لقوله تعالى: ﴿وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ [البقرة: 187]، فأَباح سبحانه وتعالى الأَكل والشُّرب إِلى طلوع الفجْر الثَّاني، ثم أَمر بإِتمام الصِّيام إِلى الليل، وهذا معناه ترْكُ الأَكل والشُّربِ في هذه الفترةِ ما بين طلوع الفجْر إِلى الليل.

وقد أَخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم عن ربِّه عز وجل أَنه قال في الصائم: «يَدَعُ طَعَامَه وَشَرَابَه مِنْ أَجْلِي». ومثل الأَكل والشُّرب إِيصال شيءٍ مِن الطعام أَو الشَّراب إِلى الجوفِ مِن غير طريقِ الفم.

وكذا إِيصال كلِّ شيءٍ «مانع» أَو جامدٍ عن طريق الأَنف أَو العين أَو الأُذن كالقَطْرةِ والسَّعُوُط، ومثله استعمال البَخَّاخ في الحَلْقِ أَو الأَنف؛ لأَن فيه مادةً دوائيَّةً يجد لها طعمًا في حلقِه وكذا أَخْذُ الإِبَرِ المغذِّيَةِ، - وتناول الأَدويةِ، وحَقْنُ الدَّمِ في الصائم، كل هذه الأُمور تفسد صومَه؛ لأَنها إِما مغذيةٌ تقوم مقامَ الطعام، وإِما أَدويةٌ تصل إِلى حَلْقِه وجَوْفِه؛ فهي في حُكم الطعام والشراب، كما نصَّ على ذلك كثيرٌ مِن الفقهاء.

أَما الإِبَرُ غير المغذِّيةِ، فإِن كانت تُؤخذ عن طريق الوَرِيدِ، فإِنها تُفَطِّر الصائمَ؛ لأَنها تسير مع الدَّمِ وتَنْفُذُ إِلى الجَوْفِ، وإِن كانت تُؤْخَذُ عن طريق العَضَلِ؛ فالأَحوطُ ترْكُها، لقولِه صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَرِيِبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيِبُكَ» ([1]).

ومنِ احتاج إِلى تناول شيءٍ مِن هذه المذكوراتِ لحالةٍ مَرَضَيَّةٍ تستدعي ذلك ولا تَقْبَلُ التأْجيلَ إِلى الليلِ؛ فإِنه يتناولها ويقضي ذلك


الشرح

([1])أخرجه : الترمذي رقم (464)، وأحمد رقم (1723)، والدارمي رقم (2574).