19- صلاةُ التَّراويحِ وأَحكامُها
الحمد لله ربِّ
العالمين، شرع لعبادِه في شهر رمضانَ أَنواع الطَّاعات، وحثَّهم على اغتنام
الأَوقات؛ والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمدٍ، أَول سابقٍ إِلى الخيرات؛ وعلى
آله وأَصحابه، ومن تبعهم بإِحسان؛ أَما بعد:
اعلموا - وفَّقني
الله وإِياكم - أَن مما شرَعه لك نبيُّ الهدَى محمدٌ صلى الله عليه وسلم في هذا
الشهرِ المباركِ صلاةَ التراويح، وهي سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، سُمِّيتْ «تَراوِيح» -
لأَن الناس كانوا يسترِيحون فيها بين كل أَربع ركعَاتٍ ([1])؛ لأَنهم كانوا
يطيلون الصلاةَ.
وفِعْلُها جماعة في المسجد أَفضل، فقد صلاَّها النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأَصحابه في المسجد ليالٍ، ثم تأَخَّر عن الصلاةِ بهم خوفًا مَن أَن تُفرضَ عليهم، كما ثبت في «الصَّحيحَين» عن عَائشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، وَصَلَّى بِصَلاَتِهِ أُنَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ الْقَابِلَةِ وكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي قَدْ صَنَعْتُمْ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ» ([2]). وذلك في رمضانَ، وفعلها
([1])أَي بين كلِّ تسليمتين، لأَن التراويح مَثْنَى مَثْنَى، وصلاة التَّهجُّدِ كذلك، - وقد يَغْلَطُ بعض أَئمَّةِ المساجد الذين لا فِقْهَ لديهم؛ فلا يُسلِّم بين كلِّ ركعتين في التَّراويحِ أَو التَّهجُّدِ، وهذا خلافُ السُّنَّةِ، وقد نصَّ العلماءُ على أَنَّ مَن قام إِلى ثالثةٍ في التراويحِ أَو في التهجُّدِ؛ فهو كمَن قام إِلى ثالثةٍ في فجرٍ، أَي تبطلُ صلاتُه.
الصفحة 1 / 112