×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فأعلاهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثم بعد الأنبياء الصِّديقون، ثم بعد الصِّديقين الشهداء، ثم بعد الشهداء الصالحون من سائر المؤمنين.

تسأل الله أن يجعلك مع هؤلاء، وأن تسير مع طريق هؤلاء؛ لتصل إلى الله جل وعلا وإلى جناته.

ودائمًا صراط الله مُوحَّد وليس فيه تعدد، وأضافه إلى نفسه لأنه هو الذي شَرَعه سبحانه وتعالى وأرشد إليه. وإضافته إلى المُنْعَم عليهم لأنهم هم الذين يسيرون عليه ويَلزمونه ويحرصون على معرفته، وهم أهل العلم والعمل.

﴿غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ [الفاتحة: 7] أي: غير صراط المغضوب عليهم، وهم كل مَن عنده علم ولكن ليس عنده عمل؛ كاليهود عندهم علم لكن ليس عندهم عمل، أَخَذوا العلم وتركوا العمل، والعلم بدون عمل لا ينفع، بل يكون حُجة على صاحبه، وصار مغضوبًا عليه لأن جرمه أشد؛ لأنه عصى الله على بصيرة فغَضِب الله عليه، والعياذ بالله، تَرَك الحق وهو يعرفه.

فكل عالم لا يعمل بعلمه؛ فإنه مغضوب عليه، وهو مِن أول مَن تُسَعَّر به النار يوم القيامة، فالعلم إنما يراد به العمل.

﴿وَلَا ٱلضَّآلِّينَ [الفاتحة: 7]: وهم الذين عندهم عمل لكن ليس عندهم علم، يعملون على غير دليل.

وفي مقدمة هؤلاء: النصارى؛ فإن عندهم عبادة وعندهم رهبانية، ولكنهم ليس عندهم علم، فهم ومَن شابههم كالمبتدعة والخرافيين، وكل من عمل بدون علم وبدون دليل من كتاب الله وسنة رسوله؛ فإنه ضالٌّ ضائع تائه عن الصراط.


الشرح