×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

هذه منفية عن الرسول صلى الله عليه وسلم. وفي قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ [الشورى: 52]، وهذه مثبتة له.

فالمنفية هي دلالة التوفيق، هذه مِلْك لله جل وعلا، لا أحد يستطيعها إلا الله جل وعلا، فالقلوب بيده سبحانه وتعالى.

وأما الهداية المثبتة فهي هداية الدلالة والإرشاد، فالرسول صلى الله عليه وسلم مرشد ومُبيِّن للحق، وينهى عن المنكر وعن الكفر والضلال.

قوله جل وعلا: ﴿ٱهۡدِنَا [الفاتحة: 6]: تَطلب من الله عز وجل أن يهديك، ولا تطلب ذلك لنفسك فقط وإنما تطلبه لك ولإخوانك؛ ولهذا تقول: ﴿ٱهۡدِنَا بلفظ الجماعة، تدعو الله لنفسك وتدعو الله لإخوانك، هداية الدلالة والإرشاد وهداية التوفيق والثبات؛ لأن المسلمين أمة واحدة.

﴿ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ [الفاتحة: 6]: معناه الطريق المعتدل. فصراط الله مستقيم معتدل لا اعوجاج فيه، وهو صراط واحد، وعليه جميع الرسل وأتباعهم.

﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ [الفاتحة: 7]: أضافه إلى المُنْعَم عليهم، فمَن هم المُنْعَم عليهم؟ بَيَّنهم الله عز وجل في آية أخرى: ﴿وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَٰٓئِكَ رَفِيقٗا ٦٩ ذَٰلِكَ ٱلۡفَضۡلُ مِنَ ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيمٗا ٧٠ [النساء: 69- 70].

والذين يسيرون على هذا الصراط هم هؤلاء الذين أنعم الله عليهم من الأنبياء والرسل والصِّديقين والشهداء والصالحين.

هذه طبقات المؤمنين من أول الخلق إلى آخرهم: أنبياء وصِدِّيقون وشهداء وصالحون. 


الشرح