×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

رسولنا صلى الله عليه وسلم، فنحن نؤمن بذلك اعتمادًا على خبر الله عز وجل وخبر رسله عليهم الصلاة والسلام.

وهذه صفة عظيمة، أي: الإيمان بالغيب وعدم الشك في ذلك.

أما الذين لا يؤمنون بالغيب وإنما يؤمنون بما يشاهدون فقط، ويُسمَّون بالماديين، لا يؤمنون إلا بالشيء الذي بين أيديهم؛ فهذا لا مزيَّة فيه، إنما المزيَّة للذي يؤمن بشيء لم يره وليس بين يديه.

وكذلك العقلانيون الذين يعتمدون على عقولهم، فما وافق عقولهم أثبتوه، وما خالف عقولهم فإنهم يكذِّبونه ويقولون: «هذا خبر آحاد» أو ما أشبه ذلك من الأقاويل الباطلة. وإذا لم يستطيعوا أن يكذِّبوه، حرفوه، وأَوَّلوه عن معناه.

وهم طائفة من المثقفين اليوم ينتسبون إلى الإسلام، لكن لا يؤمنون بالغيب، ويحرفون كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم بما يوافق أهواءهم، وينكرون أشياء كثيرة من أمور الغيب؛ لأنها لا تنطبق على عقولهم ولا تدركها عقولهم، ويقولون: «هذا غير معقول» فيجعلون عقولهم هي المقياس.

ونحن نؤمن بما جاء عن الله عز وجل، وما جاء عن رسوله صلى الله عليه وسلم. وأما العقول فإنها لا تدرك كل شيء لأنها ضعيفة.

فنحن نؤمن بما جاء عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، سواء أدركته عقولنا أم لم تدركه؛ اعتمادًا على الخبر الصادق، هذا هو الإيمان بالغيب.

فالصفة الأولى: ﴿يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ [البقرة: 3] قَدَّمها الله عز وجل لأهميتها؛ لأنها تدل على صدق الإيمان.


الشرح