×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

ولهذا جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا» قَالُوا: أَوَ لَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ»([1]).

هؤلاء هم إخوان الرسول صلى الله عليه وسلم الذين آمنوا بشيء لم يشاهدوه ولم يعايشوه، وإنما آمنوا به اعتمادًا على كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يخالجهم في ذلك شك.

وفي حديث آخر: «أَنَّهُم يَجِدُونَ كِتَابًا بَيْنَ دَفتَيْنِ، - يعني القرآن - فَيُؤْمِنُونَ بِهِ»([2]).

الصفة الثانية﴿وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ [البقرة: 3]: فلا يكفي الإيمان بالغيب، لا بد من العمل؛ لأن الإيمان قول واعتقاد وعمل، قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح.

ولا يكفي الإيمان بالقلب أو التصديق بالقلب، لا بد من العمل، ولا بد من النطق أيضًا بأن تتكلم بلسانك، وتنطق بالشهادتين: شهادة أَنْ لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتدعو إلى الله.

فالإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب؛ ليوافق القلب على ما ينطق به اللسان، فلا ينطق اللسان بشيءٍ لا يعتقده قلبه فيكون من المنافقين. وعمل بالجوارح، فلا يكفي الإيمان باللسان والقلب فقط، بل لا بد من العمل؛ ولهذا قال: ﴿وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ لأن الصلاة عمل من أعمال الجوارح، وهي من الإيمان، وكل الأعمال الصالحة داخلة في الإيمان.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (249).

([2])أخرجه: ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني رقم (2136)، والطبراني في الكبير رقم (3541).