×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فالذي آمن بالكتب السابقة، وأدرك الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن وآمن به فإنه له أجران: أجر الإيمان بالكتب السابقة، وأجر الإيمان بالقرآن العظيم، مثل ما حصل لعبد الله بن سَلاَم رضي الله عنه، وسلمان الفارسي رضي الله عنه، ومثل ما حصل للنجاشي رحمه الله، ولغيرهم ممن أسلم من أهل الكتاب.

والظاهر أن الآية عامة، ولكن لا شك أن هؤلاء لهم ميزة، الذين آمنوا بالكتب السابقة، وأدركوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وآمنوا به، وآمنوا بالقرآن، لا شك أن لهم ميزة، قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَمَن يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُمۡ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِمۡ خَٰشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشۡتَرُونَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلًاۚ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ [آل عمران: 199].

الصفة الخامسة: في قوله تعالى: ﴿وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ [البقرة: 4].

أليس الإيمان باليوم الآخر داخلاً في قوله: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ [البقرة: 3]، فلماذا أعاده مرة ثانية؟!

أعاده لأهميته؛ لأن هذا من عطف الخاص على العام، وعطف الخاص على العام يدل على أهمية الخاص.

كما في قوله تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ [البقرة: 238]، فهذا يدل على أهمية الصلاة الوسطى.

وكما في قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ [البقرة: 98].

أليس جبريل وميكال داخلَين في الملائكة؟! بلى، لكنه أعادهما وعطفهما للاهتمام بشأن هذين الملكين العظيمين؛ لأن اليهود يكفرون بجبريل عليه السلام ويعادونه، ويقولون: «عدونا من الملائكة جبريل، ولو أن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم غير جبريل لآمنَّا به، لكن جبريل عدو لنا،


الشرح