ثم
ذَكَر جزاءهم، فقال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾
[لقمان: 5].
﴿أُوْلَٰٓئِكَ﴾: أي مَن هذه صفاتهم.
﴿عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ﴾ [لقمان: 5]: يسيرون على هدى، على
طريق واضح صحيح، صراط مستقيم. هذا هو الهدى، ولذلك قال: ﴿عَلَىٰ﴾ للاستعلاء:
أي إنهم يسيرون على طريق صحيح متجه إلى الله سبحانه وتعالى، لا يميل يَمنة ولا
يَسرة، في كل ما يأتون وما يذرون، لا يأتون شيئًا إلا على هُدًى، ولا يتركون شيئًا
إلا على هُدًى، فهم دائمًا يتصرفون على حَسَب الهدى الذي هداهم الله عز وجل به.
﴿أُوْلَٰٓئِكَ﴾ [لقمان: 5]: عَظَّم سبحانه من شأنهم
بكثرة الإشارات إليهم، فقال: ﴿وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾ [لقمان: 5]، الفلاح هو الفوز والنجاح والظفر
بالمقصود، وضده الخسار والهلاك - والعياذ بالله -.
فحَصَر
الفلاح في هؤلاء بقوله: ﴿هُمُ
ٱلۡمُفۡلِحُونَ﴾، أي: لا أحد غيرهم ينال هذا الفلاح.
فمَن لم يتصف بصفاتهم لم يحصل على هذا الفلاح.
فمن
أراد منكم - يا عباد الله - أن يكون مع المفلحين، فليتصف بهذه الصفات، وهي: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ
وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ﴾ [البقرة: 3]، والذين يؤمنون بجميع
الكتب، وبجميع الرسل، وبالآخرة هم يوقنون.
فمن
اتصف بهذه الصفات فهو المفلح، ومَن خَسِر هذه الصفات أو بعضها فإنه يكون خاسرًا في
الآخرة.