×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

 ﴿وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [لقمان: 5]: هذه صفات الصنف الأول: الذين آمنوا بالقرآن، بالكتاب ظاهرًا وباطنًا، هذه صفاتهم، وهذه عاقبتهم عند الله، وجزاؤهم عند الله عز وجل.

ثم انتقل الله سبحانه إلى الحديث عن الصنف الثاني، وهم الذين يَكفرون بالقرآن ظاهرًا وباطنًا، لما سمعوه وكفروا به، وقالوا: لن نؤمن بهذا القرآن، ﴿وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤۡمِنَ بِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَلَا بِٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِۗ  [سبأ: 31]، صرحوا بأنهم لن يؤمنوا بهذا القرآن.

فالذين كفروا بالقرآن ظاهرًا وباطنًا فيهم آيتان تبدآن بقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ  [البقرة: 6].

الكفر: عدم الإيمان، والامتناع من الدخول فيه.

وهو في الأصل من الكَفْر، وهو السَّتْر، يقال: كَفَر الشيءَ، إذا سَتَره. وتكفير السيئات: سترها وتغطيتها، ومحوها وإزالتها. وسُمي الزارع كافرًا؛ لأنه يغطي البذور بالدفن في الأرض، ومنه قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ  [الحديد: 20]، أي: الزُّرَّاع.

والذين لم يدخلوا في الإيمان ولم يجيبوا داعي الله إنما سُموا كفارًا لأنهم ستروا الحق وأخفَوه ولم يقبلوه، ولأن كثيرًا منهم كما قال الله تعالى: ﴿وَجَحَدُواْ بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ [النمل: 14]، وقال: ﴿فَإِنَّهُمۡ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِ‍َٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ [الأنعام: 33].

والكفر يكون بالتعطيل وإنكار الخالق جل وعلا. ويكون بالشرك مع الله سبحانه وتعالى. ويكون بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام، وهي كثيرة.

فالكفر يكون بالجحود، ويكون بالعناد، ويكون بالاستكبار، ويكون بالنفاق، ويكون بالقول وبالفعل، وبالاعتقاد وبالشك.


الشرح