×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ [البقرة: 6] أي: أبَوا أن يقبلوا هدى الله سبحانه وتعالى، هؤلاء لا حيلة لك فيهم، ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ [البقرة: 6]؛ لأنهم لما عَرَفوا الحق أول مرة ولم يستجيبوا؛ عاقبهم الله بحرمانهم من الإيمان به، فلا يهتدون بعد ذلك أبدًا.

وقوله تعالى: ﴿خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ [البقرة: 7]، خَتْم الشيء معناه: إغلاقه بحيث لا يَدخل إليه شيء ولا يَخرج منه شيء.

أي: أَغْلَقها بالخاتم، فلا يَنفذ إليها النور، ولا يصل إليها الإيمان؛ بسبب إعراضهم، كما قال سبحانه: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفۡ‍ِٔدَتَهُمۡ وَأَبۡصَٰرَهُمۡ كَمَا لَمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهِۦٓ أَوَّلَ مَرَّةٖ [الأنعام: 110].

فمَن تبين له الحق وأعرض عنه؛ عُوقب بالحرمان منه، فلا يقبله بعد ذلك.

وما دام الله خَتَم على قلوبهم وسدَّ المنافذ التي تُوصِّل الخير إليها، فلا فائدة من دعوتهم، ﴿سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ [البقرة: 6].

وقوله تعالى: ﴿وَعَلَىٰ سَمۡعِهِمۡۖ [البقرة: 7] أي: وخَتَم على سمعهم، فلا يسمعون سماع قَبول واهتداء، وإن كانوا يسمعون الصوت بآذانهم، لكن لا يسمعون سماع قَبول وانتفاع. حَرَمهم الله فائدة الأسماع - والعياذ بالله -، كما قال سبحانه: ﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِي يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ وَنِدَآءٗۚ صُمُّۢ بُكۡمٌ عُمۡيٞ فَهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ [البقرة: 171].

قوله تعالى: ﴿وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡ غِشَٰوَةٞۖ [البقرة: 7]، ﴿وَعَلَىٰٓ أَبۡصَٰرِهِمۡخبر مقدم، و ﴿غِشَٰوَةٞۖ [البقرة: 7] مبتدأ مؤخر، وهي جملة مستأنفة.

والغشاوة: الغطاء. أي: جَعَل على أبصارهم غطاء يَحُول بينهم وبين الانتفاع بما يشاهدون من آيات الله، فلا يبصرون إبصار انتفاع،


الشرح