ولا
ينظرون في آيات الله ويستفيدون من النظر فيها؛ وإنما نظرهم كنظر البهائم تنظر إلى
الأشياء ولا تدرك الحكمة منها والسر فيها.
فحَرَمهم
الله نعمة القلوب، ونعمة الأسماع، ونعمة الأبصار، والسبب هو أنهم كفروا ولم يقبلوا
الحق.
وفي
هذا تحذير من الإعراض عن الحق ممن سمعه؛ لأن ذلك الإعراض سبب لحرمانه من الهداية،
فيظل مغلق القلب مختومًا عليه كما حرم هؤلاء وختم على قلوبهم.
ثم
قال: ﴿وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [البقرة:
7]، جزاؤهم في الآخرة عذاب لا يعلم عِظَمه إلا الله سبحانه وتعالى.
عاقبهم
الله في الدنيا عقوبة عاجلة بحرمانهم من الانتفاع بحواسهم، وعاقبهم عقوبة آجلة في
الآخرة بالعذاب العظيم في النار.
الصنف
الثالث: الذين آمنوا بالقرآن ظاهرًا وكفروا به باطنًا، وهؤلاء هم
المنافقون، وهم شر من الكفار وأخطر؛ لأن الكفار يُعْلَم أنهم كفار فيؤخذ الحذر
منهم، لكن هؤلاء لا يَعلم المسلمون أنهم كفار لسلامة ظاهرهم واختلاطهم بالمسلمين،
فيُحْسِنون الظن بهم ولا يَحذرونهم، وهم يُفسدون في الأرض، فخطرهم أشد من خطر
الكفار.
ولهذا
أَنْزَل الله فيهم ثلاث عَشْرة آية، من قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ﴾ [البقرة:
8]، إلى قوله تعالى: ﴿وَلَوۡ
شَآءَ ٱللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ
كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [البقرة:
20]؛ وذلك لخطرهم وقبحهم، وأنهم أقبح من الكفار الأصليين؛ ولهذا قال جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ
ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا﴾
[النساء: 145]. ﴿ٱلدَّرۡكِ
ٱلۡأَسۡفَلِ﴾أي: تحت الكفار وعَبَدة
الأصنام - والعياذ بالله -.