×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فالواجب على المسلم أن يَحذر من النفاق، وأن يتجنَّب صفات المنافقين.

فقوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ [البقرة: 8]، أي: يقولون ذلك بأفواههم.

ثم قال تعالى: ﴿وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ [البقرة: 8] يعني: في قلوبهم، إنما أظهروا الإيمان وأخفَوا ضده وهو الكفر.

 مسألة: متى وقع النفاق في الإسلام؟

يقول العلماء: إنَّ النفاق العَقَدي لم يقع في مكة؛ لأن المسلمين كانوا مستضعفين في مكة، فلم يُسْلِم في مكة إلا صادق الإيمان؛ لأنه بإسلامه مُعَرَّض للفتن والاضطهاد. وكذلك في أول الهجرة ما حصل نفاق.

ولما جاءت واقعة بدر في السنة الثانية من الهجرة، وانتصر المسلمون فيها وقويت شوكتهم؛ رأى الكفار الذين يعيشون في المدينة أن استمرارهم على كفرهم يُعَرِّضهم للخطر، فلم يسعهم إلا أن يقبلوا الإسلام ظاهرًا لأجل أن يعيشوا مع الناس وتُحْقَن دماؤهم، وما آمنوا بقلوبهم، ولكن أظهروا الإيمان حيلة وحفظًا لمصالحهم.

ولهذا قال تعالى فيهم: يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [البقرة: 9]، الخداع والمخادعة: أن يُظْهِر الإنسان خلاف ما يبطن. وقَصْد المنافقين من مسلكهم هذا المخادعة؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَٰدِعُهُمۡ [النساء: 142]، والله جل وعلا لا يُخْدَع.

وقوله تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [البقرة: 9] أي: ويخادعون الذين آمنوا.

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ [البقرة: 9] 


الشرح