×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

فمعنى قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَا تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ [البقرة: 11]: اتركوا ما يكون سببًا لفسادها وهو النفاق، وآمِنوا بالله ظاهرًا وباطنًا كما آمن الناس، أي: الصحابة.

﴿قَالُوٓاْ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ [البقرة: 11]: وهذا من انتكاس الفِطَر حيث يَعُدُّون النفاق والكفر إصلاحًا في الأرض!!فيقولون: إنما نحن بعملنا هذا الذي هو النفاق والكفر، مُصْلِحون؛ من أجل أن نعيش في هذه الدنيا، ويندفع عنا القتل. وهذا بزعمهم إصلاح!!

فقال الله تعالى ردًّا عليهم: ﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ [البقرة: 12]، عَكَس الله عليهم دعواهم، وحَصَر الإفساد فيهم، فهم وحدهم المفسدون بنفاقهم وكفرهم ﴿وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ [البقرة: 12]، لا يدرون أن هذا إفساد، بل يعتقدونه إصلاحًا.

واليوم أصحاب الشهوات وأصحاب المطامع الخبيثة يريدون أن يُحوِّلوا المسلمين إلى المذاهب الباطلة، وإلى تعطيل الشريعة، وإلى الجرائم وفساد الأخلاق، ويقولون: هذا إصلاح! ويُسمُّون الإيمان والتمسك بالدين جفاء وتحجُّرًا، ورجعية وتأخرًا... ! إلى آخر ما يقولون.

فما أشبهَ الليلةَ بالبارحة!

يريدون أن يُحوِّلوا الحكم بما أنزل الله إلى الحكم بالقانون، ويقولون: هذا إصلاح!

يريدون أن يخلعوا الحجاب عن النساء ويتركوهن سافرات في الشوارع، ويتولين أعمال الرجال، ويسافرن إلى أي محل بلا مَحْرَم.

ويقولون: هذا إصلاح! هذا رُقِيٌّ وتقدُّم! هذا تحضُّر! وهذا عمل الأمم الراقية!

أما مَنْع هذه الأمور فهذا هو الإفساد بزعمهم!!


الشرح