وقال
تعالى: ﴿الٓرۚ تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡمُبِينِ ١ إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَٰنًا عَرَبِيّٗا لَّعَلَّكُمۡ
تَعۡقِلُونَ ٢﴾ [يوسف: 1- 2].
وهكذا
لا تأتي الحروف المقطعة في أول سورة إلا ويأتي بعدها ذكر للقرآن وذكر للكتاب، فهذا
يدل على أن هذه الحروف جِيء بها من أجل تحدي هؤلاء الذين ينكرون أن يكون القرآن كلام
الله؛ لأنه لو كان ليس كلام الله وإنما هو من كلام البشر، لكان باستطاعتكم أن
تأتوا بسورة أو بآية أو بأكثر من سورة.
وهذا
القول هو الراجح لأن الله لم ينزل في القرآن شيئًا لا يُعْرَف معناه، لكن قد يَعرف
معناه كثير من العلماء، وقد يغمض كثير منه على بعض العلماء، ولا يفهمه إلا
الراسخون في العلم، فالناس يتفاوتون في أفهامهم، فليس في القرآن شيء لا يُعْرَف
معناه، لا الحروف المقطعة ولا غيرها، بدليل أن الله أَمَر بتدبر القرآن كله، قال
تعالى: ﴿كِتَٰبٌ
أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ﴾
[ص: 29] وقال
تعالى: ﴿أَفَلَا
يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَۚ﴾
[النساء: 82]. وسمَّاه الله قرآنًا عربيًّا، قال تعالى: ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ﴾
[الشعراء: 195].
فليس
في القرآن شيء لا يُعرف معناه، لكن قد يَعْزُب معناه أو يغمض معناه على بعض الناس،
ويتضح للبعض الآخرين من أهل العلم.
ثم
قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ [البقرة:
2].
﴿ذَٰلِكَ﴾ «ذا» اسم إشارة، واللام
للبعد، فيشار بذلك إلى الشيء البعيد أو المرتفع؛ لأن هذا القرآن مرتفع القدر ورفيع
المكانة.
﴿ٱلۡكِتَٰبُ﴾: القرآن، ويسمى الكتاب، وهو أعظم الكتب المنزَّلة من السماء.