×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

وصفاته سبحانه وتعالى، ويقولون: «إنها ليست على ظاهرها» فظاهرها غير مراد عندهم؛ فلذلك يُحرِّفون الكَلِم عن مواضعه، يُحرِّفون معناه، ويأتون بمعانٍ من عند أنفسهم ما أنزل الله بها من سلطان، فأَوَّلوا كلام الله سبحانه وتعالى، أَوَّلوه: يعني صرفوه عن مدلوله إلى مدلول يوافق أهواءهم، ويوافق مشاربهم ومذاهبهم.

هذه طوائف الضلال من المنتسبين إلى الإسلام، مع أن القرآن كما قال جل وعلا: ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ [البقرة: 2].

وقسم يؤمن بمعانيه أنها من عند الله دون ألفاظه؛ كالأشاعرة والماتريدية.

ثم قال جل وعلا: ﴿هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ [البقرة: 2].

هذا وَصْف للقرآن بأنه هدى.

والهدى والهداية على معنيين:

المعنى الأول: الدلالة والإرشاد: فالقرآن هدى وهداية، بمعنى أنه يَدل ويُرشد الناس إلى الطريق الصحيح، فهو هدى لجميع الناس بهذا المعنى؛ لأن فيه هداية ودلالة وإرشادًا إلى طريق الحق.

لكن مِن الناس مَن آمن به، ومنهم مَن قامت عليه الحجة ولم يؤمن به.

قال تعالى: ﴿هُدٗى لِّلنَّاسِ [البقرة: 185]. فجعله هدى للناس، بمعنى أنه بيان ودلالة وإرشاد لجميع الخلق، فمَن أراد الحق أَخَذ به، ومن عاند وخاصم قامت عليه الحجة من الله جل وعلا ولم يَبْقَ له عذر.

النوع الثاني من أنواع الهداية: هداية التوفيق والقَبول للحق. وهذه خاصة بالمتقين؛ ولذلك قال هنا: ﴿هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ [البقرة: 2]،


الشرح