أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ
ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]، فكل رسول يقول
لقومه: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ يعني الشرك، وهو عبادة غير الله، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن
قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ
أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25].
فالتوحيد
الذي دعت إليه الرسل هو توحيد الألوهية، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وتَرْك
عبادة ما سواه. هذا هو الذي بَعَث الله به الرسل.
وفي
الآية توحيد الربوبية في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ
مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١ ٱلَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ
مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ رِزۡقٗا لَّكُمۡۖ فَلَا تَجۡعَلُواْ
لِلَّهِ أَندَادٗا وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٢٢﴾ [البقرة: 21 - 22].
هذا
توحيد الربوبية، وهذا يعترف به المشركون ويُقِرُّون به، كما قال تعالى: ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ
ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ
ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ
فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾
[يونس: 31].
فالله
سبحانه وتعالى أخبر أن المشركين يُقِرُّون بتوحيد الربوبية، وأنه لا خالق ولا
رازق، ولا يحيي ولا يميت، ولا يُدبِّر الكون إلا الله سبحانه وتعالى.
هم
معترفون بهذا، لكن هذا لا يكفي، فمَن أَقَرَّ بتوحيد الربوبية فقط فإنه ليس بمسلم؛
لأنه لو كان مسلمًا لصار المشركون كلهم مسلمين؛ لأنهم يعترفون بهذا النوع من
التَّوحيد.
والرسل لا تدعو إلى توحيد الربوبية فقط لأنه تحصيل حاصل؛ لأن الأمم معترفة به.