×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

إنَّما الخلاف والخصام في توحيد الألوهية، فهم يعترفون بأن الله هو الرب، وأنه هو الخالق، وأنه هو الرازق، وأنه يُدبِّر الكون. لكنهم يعبدون معه غيره، فهم يُقِرُّون بتوحيد الربوبية ويجحدون توحيد الألوهية.

وهذا دأب الكفار، حتى المشركون الذين بُعث إليهم محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على هذا المنهج، لما قال لهم صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قالوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ [ص: 5]، وقال تعالى فيهم: ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦ [الصافات: 35، 36].

فهم لا يريدون توحيد الألوهية، ولا يريدون إفراد الله بالعبادة؛ وإنما يريدون أن يعبدوا مع الله غيره من الأصنام والأشجار والأحجار.

فالخلاف إنما هو في توحيد الألوهية بين الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وبين الأمم.

والله في القرآن إنما يذكر توحيد الربوبية دليلاً على توحيد الألوهية؛ لأنهم يعترفون به، فيلزمهم أن يعترفوا بتوحيد الألوهية، فإذا كان الله هو الرب وهو الخالق وهو الرازق، فهو الذي يستحق العبادة. فهذا من باب الإلزام لهم، فما داموا يعترفون بهذا؛ فإنه يلزمهم أن يعبدوا الله عز وجل وحده، ويتركوا عبادة ما سواه.

ففي الآية وجوب توحيد الألوهية بدليل توحيد الربوبية، وأن المطلوب والمأمور به هو توحيد الألوهية.

وفي الآية: بيان النهي عن الشرك، وأن العبادة لا تصح إلا مع التوحيد، ولا تصح مع الشرك؛ لهذا قال: ﴿ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ [البقرة: 21]،


الشرح