×
دروس التفسير في المسجد الحرام الجزء الأول

قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، الآْنَ وَصَل إِلَى قَعْرِهَا»([1]).

ومما يدل على وجود النار ما يأتي من الحَر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ»([2])، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» ([3]).

فهذا من الأدلة على وجود النار الآن وأنها مُعَدَّة، كما أن الجنة أيضًا مُعَدَّة، وسيأتي الكلام عن الجنة.

وهذه الآية كما ذكرنا فيها: تقرير شهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفيها أن الرسول بشر، عبد، ليس له من العبادة شيء؛ لأن العبادة حق لله سبحانه وتعالى، وإنما الرسول حقه المحبة والطاعة والاتباع، وتوقيره صلى الله عليه وسلم واحترامه.

أما ما يُعْتَقَد أنه يَنفع أو يضر من دون الله، فهو صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، كما في القرآن، قال تعالى: ﴿قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوٓءُۚ إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ [الأعراف: 188]. وقال تعالى: ﴿قُلۡ إِنِّي لَآ أَمۡلِكُ لَكُمۡ ضَرّٗا وَلَا رَشَدٗا [الجنَّ: 21].

هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، مُبلِّغ عن الله عز وجل، ليس له من العبادة حق، لا يُعبد مع الله، لا يُدعى مع الله عز وجل.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (2844).  

([2]) أخرجه: البخاري رقم (3260)، ومسلم رقم (617).  

([3]) أخرجه: البخاري رقم (536)، ومسلم رقم (615).