لَيَتَرَاءَوْنَ
الْمَنَازِلَ الْعَالِيَةَ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الْغَابِرَ فِي
الأُْفُقِ»([1]).
﴿تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ﴾
[البقرة: 25] أي: تجري من تحت أشجارها الأنهار. فجَمَعَتْ بين الخضرة وبين
الأنهار. وهذا غاية البهجة والسرور، أشجار وأنهار وظل ظليل ﴿مِن تَحۡتِهَا﴾أي:
من تحت أشجارها وقصورها و ﴿ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ﴾جمع نهر، وأصل النهر الشِّق في
الأرض، وأنهار الجنة تجري بدون أخدود.
﴿كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا﴾
[البقرة: 25] فيها الثمار اللذيذة الطيبة المتدلية التي لا يَحتاج من
يريدها إلى تعب، بل هي دانية ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٞ﴾ [الحاقَّة:
23]، تحصل لهم بدون تعب، بدون أن يصعدوا الشجر أو أن يتكلفوا أخذ هذه الثمار.
﴿كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي
رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَأُتُواْ بِهِۦ مُتَشَٰبِهٗاۖ﴾
[البقرة: 25] فثمار الجنة متشابهة في اللون، ولكنها مختلفة في الطعم
والرائحة، ففيها تشابه، وفيها اختلاف.
﴿كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنۡهَا مِن ثَمَرَةٖ رِّزۡقٗا قَالُواْ هَٰذَا ٱلَّذِي
رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ﴾ إذا أُتوا بثمرة الصباح قالوا: هذا
الذي أُعطينا إياه في المساء. وإذا أُعطوا في المساء قالوا: هذا الذي أُعطينا في
الصباح. لتشابه الثمار في الجنة. ولكن هي في الحقيقة مختلفة في طعمها ورائحتها،
وإن كانت متشابهة في لونها وشكلها. هذا قول.
والقول الثاني: ﴿هَٰذَا ٱلَّذِي رُزِقۡنَا مِن قَبۡلُۖ﴾ [البقرة: 25] يعني في الدنيا؛ لأن الدنيا فيها هذه الثمار التي تشبه ثمار الجنة، الدنيا فيها عنب وفيها نخيل وفيها فواكه، والجنة فيها مثل هذه الفواكه في الاسم وفي
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3256)، ومسلم رقم (2831).