وفي
الآية الأخرى: ﴿مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ أَعۡمَٰلُهُمۡ كَرَمَادٍ ٱشۡتَدَّتۡ
بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوۡمٍ عَاصِفٖۖ﴾ [إبراهيم:
18].
هذا
دليل على أنهم يعملون أعمالاً ظاهرها أنها صالحة وأنها مفيدة، فيما يظهر للناس.
ولكن لمَّا لم تُبْنَ على نية صالحة وعلى عقيدة صحيحة، صارت هباء منثورًا، كما قال
الله جل جلاله: ﴿وَقَدِمۡنَآ
إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا﴾
[الفرقان: 23].
فهذا
مَثَل لعمل الكافر، وإن تراءى للناس أنه عملٌ جيد
وأنه صالح، ولكنه لمَّا لم يكن صادرًا عن عقيدة صحيحة، وعن توحيد وإخلاص لله؛ صار
يوم القيامة كالرماد الذي تَهُبُّ به الريح، وكالسراب الذي يكون في القيعان وقت
الظهيرة، ﴿يَحۡسَبُهُ
ٱلظَّمَۡٔانُ مَآءً حَتَّىٰٓ إِذَا جَآءَهُۥ لَمۡ يَجِدۡهُ شَيۡٔٗا﴾
[النور: 39].
وكذلك
ضَرَب الله سبحانه وتعالى مَثَلاً للمُوحِّد والمشرك، فقال سبحانه وتعالى:
﴿ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا
رَّجُلٗا فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَٰكِسُونَ وَرَجُلٗا سَلَمٗا لِّرَجُلٍ هَلۡ
يَسۡتَوِيَانِ مَثَلًاۚ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ﴾
[الزُّمَر: 29].
المشرك:
له عِدَّة آلهة، يَعبد أصنامًا كثيرة، ولا يدري ماذا يُرضي منها، مِثل المملوك
الذي له أسياد كثيرون يملكونه، كل واحد يريد منه أن يعمل على هواه، كل واحد له
رغبة تخالف رغبة الآخَر! فيصبح هذا المملوك المسكين مزعزعًا بين هؤلاء الشركاء، لا
يدري من يُرضي منهم!
وأما
المُوحِّد: فهو مِثل الذي يملكه رجل واحد، يَعرف مطلوبه ويَعرف
هواه، فهو في راحة معه، هو رجل واحد مملوك لرجل واحد.
كذلك المُوحِّد، هو عبدٌ لربِّ واحد، وهو الله سبحانه وتعالى، يقوم بطاعته ويجتنب معصيته، وطريقه واضح.